الثورة أون لاين – سهير زغبور:
قبل ان نلج الى موضوع النقد وجيل الشباب ..لابد لنا من تعريف عام بالنقد
رغم انه دراسة سهلة التعريف كونها تستمد مواصفاتها من اسمها….
فالنقد هو المحاولة المنضبطة التي يشترك فيها ذوق الناقد وفكره للكشف عن مواطن الجمال او القبح في الاعمال الادبية ..
وبالتالي هو دراسة قائمة على مبدأ الاحتمالات سواء اكانت عند الكاتب ام الناقد نفسه …
بمعنى اخر ..ستكون آلية الحكم على العمل الادبي إما مرهونة بجودة العمل او بنظرة الناقد لهذا العمل ……
هذا فيما اذا كان النقد حياديا غير قائم على مزاجية الناقد او علاقته الشخصية بالكاتب …..
لذا نلاحظ انه تغير بمضمونه منذ القديم الى عصرنا هذا …..
فقديما ..تأطر فهم النقد وتقويمه بوتائر مختلفة ..حيث استدعى الاهتمام بالنقد استطلاع اراء النقاد العرب القدامى في سعيهم الى ارساء نقد الشعر لديهم على اسس محددة …..
منذ ان دعا (ابن سلام الجمحي)
في مقدمة طبقاته الى استقلال نقد الشعر عن غيره من المجالات الثقافية التي احتضنته زمنا طويلا والى الناقد المتخصص الذي يملك مؤهلات علمية وفنية تجعله عالِما بالشعر ..قادرا على ان ينتج معرفة صحيحة به ..
فشكل ذلك منعطفا جوهريا في تاريخ نقد الشعر عند العرب ..
وسعت كل الدراسات النقدية اللاحقة الى اخضاع دراسة الشعر الى محاكمة عقلية مثلما ذهب (ابن قتيبة) في مقدمة (الشعر والشعراء) الى وضع معايير محدودة لفهم الشعر ..وتقويمه ..
وجهود كثيرة بُذلت لتقليص الانطباعية الذاتية والتأثرية في دراسة الشعر …..
اما في عصرنا الحالي فإننا نلقى بعض الدراسات الاكاديمية التي تتوسل بمناهج نقدية حديثة تروم استجلاء القضايا النظرية والمنهجية التي تطرحها ..بغية استشراف افق بعيد …..
بيد ان القارئ غدا يلمس في الآونة الاخيرة تهافت بعض الدارسين على افراز القراءات الانطباعية دون التوسل بآليات المقاربات النقدية الحديثة التي تهدف الى تحديد رؤيا المبدع للعالم …انطلاقا من ربط الابداع الادبي بالذات في تمظهراتها الواعية وغير الواعية …
ومعرفة تصوير المبدع للحياة والوجود الانساني ..في شكل مقولات غير منهجية
وهذا ماجعل عملية القراءة منفصلة عن اهدافها ..
اذ لايمكن ان تتجه نحو الالفاظ بمعزل عن السياق ….
ومن شأن هذا الاغفال ان يحجب عن القارئ ابداعيتها ….
يقول (شكري عياد ) :
((النقد عندي فرع من القراءة ..فأنا لاانقد الا عملا عايشته وشعرت بأنني نفذت الى باطنه ..وعدّتي في ذلك هي الادوات التي استفدتها من علم الاسلوب ومن تاريخ الادب ))
لكن هذه المقولة وللاسف لاتنطبق على النقد الحديث وخاصة نقد التجارب الشبابية …..
اذا انقسم النقد الى فريقين متناقضين اساسيين …
وفريق ثالث معتدل ..
فريق متحيز للكاتب ….وبالاعتماد على علاقته الشخصية به ..كصداقة او قرابة او معرفة ….وربما اعتمادا على صورة تنشر مع القصيدة في عالم السوشيال ميديا ..فيركز الناقد عليها مصفقا للعمل الادبي مهما كان رديئا ….مهملا التركيز على نقاط ضعفه …
وهذا بحد ذاته ظلم للكاتب لانه يقوم على مبدأ المجاملة وبمعنى اخر الغش وبالتالي التحفيز على الاستمرار في المزيد من الرداءة او على اقل تقدير عدم الاضاءة على مواطن الضعف لتلافيها فيما بعد ..
اما الفريق الاخر فهو الذي يحكم على العمل الادبي بانه غير جيد استنادا الى مزاجيته او على علاقته بالكاتب ايضا لكن هذه المرة العلاقة المتنافرة …..
وهنا يأتي الحكم الجائر على العمل فيتغافل الناقد عن جمالياته ……
لابل يعنفها بنقد لاذع قد يطال الكاتب نفسه…. وهذا مايجعل الكاتب غالبا يصاب بنوع من اليأس وفقدان الثقة بنفسه وبالنقد ..ويحجم عن الكتابة …
وبالتالي ضياع الكلمة والمعنى بين مزاجية الناقد وعنفوان الكاتب ……..
وبقاء الساحة الادبية للحلقة الاضعف ….
اما الفريق الثالث وهو الاقل نسبة …..
فهو الذي سيكون املا في انقاذ امل ما
بان يستعيد الادب ألقه …..
شعرا ونثرا ونقدا وقراء ……….
حين يكون معتدلا في الحكم ……
معتمدا على منهجيات النقد الصحيحة ..
امام سلبية تنحي النقاد عن النقد من جهة ….. او حكمهم الجائر في مكان والمتحيز في مكان اخر …..من جهة ثانية….

التالي