ربما ليس مصادفة أن تقفز حكاية الكاتب الفرنسي جان جاك روسو إلى الذاكرة، كلما أردنا التحدث عن المسابقات الأدبية، لأن حكايته تحاكي سيرة الكثير من أدبائنا، فرغم أهمية ما كان يكتبه من أبحاث ودراسات وعلى مدى سنوات طويلة، لكنه لم يحظ بالشهرة إلا بعد أن نال جائزة عن واحدة من أبحاثه.
ومن هنا نجد أهمية الجائزة في تقديم المبدع إلى الجمهور، وفتح آفاق جديدة ومساحة أكبر للانتشار في الأوساط المحلية والعربية وأحيانا العالمية، وهي وقبل ذلك كلّه اعتراف وتقدير لجهود المبدعين وتحفيز لهم على متابعة الإنتاج والمساهمة في الحراك الثقافي والفكري من أجل نهضة تنويرية تؤسس لمراحل بناء جديدة، ترتكز في أساسها على تكريس قيم المواطنة والقيم الإنسانية النبيلة.
ولا يختلف اثنان على أهمية الجهود الكبيرة التي تبذل سواء من المؤسسات الثقافية الرسمية أو الخاصة على صعيد التشجيع والتحفيز عبر مسابقات تطرحها ،وجوائز على تواضعها، تدفع بالمبدعين إلى الإسراع لخوض هذا الميدان من أجل تحقيق حلم الفوز بالجائزة وتحقيق رغبة كامنة عند قلم كلّ مبدع.
ولكن ماذا بعد الجائزة، هل تنتهي المهمة بانتهاء مظاهر الاحتفال وانحسار أضواء الكاميرات، أم أن المهمة لم تنجز كاملة بعد، وتحتاج لمزيد من المتابعة والتواصل مع دور النشر للمشاركة في المعارض العربية، وتسليط الضوء على المنتج الأدبي عبر ندوات وحفلات توقيع، ضمن مشروع متكامل حتى تؤتي هذه الجائزة والمسابقة الأدبية أكلها، وتحقق الغاية المرجوة منها.
واليوم سيحتفي لقاء” شآم والقلم” بإطلاق الروايات الفائزة بمسابقة” التكافل الاجتماعي في زمن الكورونا” التي أطلقها د. محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب، بعد أن قدم عربون فوزهم بطباعة الروايات الفائزة تشجيعاً وتقديراً لجهودهم في مرحلة كان المجتمع يئن تحت وطأة الحرب ومن ثم جائحة ذاك الوباء اللعين، مايؤكد من جديد تفاعل المنتج الأدبي مع قضايا المجتمع، ولطالما كان المثقف لسان حال أمته وصوته الحر.
وتبقى المسابقات الأدبية نهجاً حضارياً وحراكاً ثقافياً، تضخ دماء جديدة في ميادين الفكر والإبداع.
رؤية – فاتن أحمد دعبول