الثورة أون لاين – حسين صقر:
لأن الأسرة هي المسؤولة أولاً وأخيراً عن بناء شخصية الفرد الاجتماعية والثقافية، ويمتد تأثيرها ليبلغ أعماقه ووجدانه، لابد من بنائها بشكل يتناسب وتلك المسؤولية، حتى تكون عملية التنشئة الاجتماعية ناجحة.
وكي تبقى الأسرة النواة الأولى التي تدور حولها جميع دوائر التربية المتعلقة بتكوين شخصية الأبناء في مراحلهم العمرية المختلفة، ولاسيما أن نمط العلاقات الإنسانية يقوم داخل هذه الأسرة أو تلك، و يحدد طبيعة القيم التي ينمو عليها الفرد، ويبتعد عن التسلط والاتكالية والتطفل والعجز والاعتماد على الآخرين، ويكون فرداً فاعلاً لا سهل الانقياد أو تابعاً.
فالأسرة المثالية تعلم أبناءها الجرأة لا الفوضى وقلة التهذيب ، الشجاعة وليس التهور، الكرم وليس التبذير، وتعلمه حسن الاستماع لا السكوت عن الخطأ، لأن ذلك من المبادئ والقيم الصحيحة، وتعلمه أيضاً النقاش والحوار والتسامح وقبول الآخر، والقدرة على الابتكار والإبداع.
وكي تتميز الأسرة بهذه الصفات وتلعب هذا الدور، لابد من تحصينها بشكل كبير ضد الأفكار الدخيلة والسلبية والتي تتناقض مع التربية الأخلاقية.
وتحصين الأسرة هو بذات الوقت حماية للفرد وتقوية لمناعته الاجتماعية، وهذا من شأنه أن يحافظ على سلامة فطرته وسلوكياته منذ نشأته الأولى وحتى يصبح متقدماً في العمر، خاصة وأن جميع الأديان والشرائع السماوية اعتنت أفضل عناية بالأسرة، لما لها من أدوار أساسية، ومهمة في بناء الإنسان، ولأنها الركيزة الأساسية في تحصينهم من الانحرافات سواء الفكرية والأخلاقية والسلوكية، حيث يبدأ تكوين الأسرة باختيار شريكة الحياة المناسبة لهذا الدور المتمثل ببناء كيان أسري ذي قواعد راسخة، مستنداً إلى القيم العالية.
وكي تأخذ التربية دورتها السليمة لابد أيضاً من الانتباه للأفراد في ظل التطورات التكنولوجية الهائلة والانفتاح المعرفي الواسع على العالم بأسره، والذي أتاحته مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات الإلكترونية الأخرى، إضافة للبرامج التلفزيونية، والتي أسهمت في انتشار الثقافات والمعلومات المختلفة، والمتنوعة بشقيها الإيجابي والسلبي.
وهو أيضاً ما يؤصل المبادئ القويمة في نفوسهم، لكي تتقوى الحصانة الذاتية لديهم، ليتمكنوا من التمييز بين الصالح والطالح، وبين النافع والضار، وبين الذي يبني ويهدم،. ولهذا كله على الأسرة مضاعفة الجهود، ولعب أدوار مهمة.
وبالتالي فعندما تتعرض لهجوم أو فساد أخلاقي، يجب ألا تقف مكتوفة الأيدي وتندب حظها، بل عليها المواجهة والتوعية، تماماً كما البلاد عندما تتعرض للأزمات اياً كان نوعها، حتى وإن اضطر الأمر لإبلاغ جهات الاختصاص واللجوء لهم، والعمل على الوعظ والإرشاد والتوجيه، وضرب المنحرفين بيد من حديد وفضحهم ومحاسبتهم قانونياً واجتماعياً.
فتحصين الأسرة داخليا وحتى خارجيا يعزز قوة المجتمع وقيم التسامح والبناء السليم في مختلف الظروف رغم قساوة بعضها .