الثورة أون لاين – ترجمة غادة سلامة:
تقترب فترة رئاسة أنجيلا ميركل الطويلة من نهايتها، ففي أيلول ستنتخب ألمانيا حكومة جديدة وزعيماً جديداً، وسيوضع إرث ميركل في موازنة العلاقات بين واشنطن وبكين وموسكو على المحك، هناك توقعات بأن حكومة ائتلافية ستظهر على الأرجح، وستكون النتيجة هي حكومة هشة مع مزيج غريب من الأولويات المحلية والأجنبية.
في هذا السيناريو، فإن خطة الرئيس جو بايدن لتعهيد استقرار أوروبا إلى برلين وباريس ستحظى بمراقبة عن كثب، قد تجد واشنطن وبرلين العمل معاً أكثر صعوبة.
وقد يتطلب الأمر الكثير من العمل أكثر مما كان يتصور سابقاً للحفاظ على استقرار المجتمع عبر الأطلسي في عصر المنافسة بين القوى العظمى، حتى في عهد ميركل، كافحت برلين لإيجاد سياسة واقعية تتحدى تدخلات الولايات المتحدة الخبيثة في الشؤون الداخلية لأوروبا عبر الأطلسي، أما بالنسبة للمارد الصيني فتعد برلين الشريك التجاري الأوروبي الأكثر أهمية لبكين.
كانت ميركل الداعم الرئيسي للاتفاقية الشاملة للاستثمار بين الصين والاتحاد الأوروبي – وهي صفقة عارضتها الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية في الشهر الماضي، حيث أعلن مفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي أن التصديق على الاتفاقية قد تم تجميده بعد أن وضعت الصين شروطها على السفراء والسياسيين والأكاديميين الأوروبيين رداً على عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على المسؤولين في مقاطعة شينجيانغ.
وكانت ميركل أيضاً متساهلة بشأن تقنية 5G الصينية، على الرغم من المخاوف الأمنية الواسعة النطاق التي أشارت إليها الولايات المتحدة والدول الأوروبية، وقدمت الحكومة الألمانية مشروع قانون يطالب الشركات المشاركة في بناء شبكات 5G واعتبر الصينيون مشروع القانون لطيفاً للغاية، في هذه الأثناء كانت شركة كوسكو الصينية العملاقة في مجال الشحن تجري محادثات مع شركة Hamburger Hafen” ” للحصول على حصة في إحدى المحطات في ميناء هامبورغ – وهي خطوة يقال إنها تمت بموافقة الحكومة الألمانية، ومع ذلك واصلت المستشارة في قمة مجموعة السبع الأخيرة بحذر معارضة الموقف المتشدد بشأن الصين، الذي أيدته الولايات المتحدة بشكل أساسي.
دعمت ميركل بشدة استكمال خط أنابيب نورد ستريم 2 مع روسيا وأبدت اهتماماً بالشراكة في إنتاج لقاح سبوتنيك الخامس الروسي، كما دعت مؤخراً إلى “اتصال مباشر” بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، وهي خطوة رفضتها العديد من الدول الأوروبية، حتى داخل حزبها، هناك معارضة، وكان ذلك واضحاً خلال المنافسة على انتخاب زعيم الحزب الجديد عندما دعا عضو البرلمان الأوروبي السابق فريدريك ميرز، وهو من أشد المؤيدين لحلف شمال الأطلسي، إلى تعزيز العلاقات عبر الأطلسي واعتماد نهج أكثر صرامة تجاه بكين، وحصل على أكبر عدد من الأصوات في الجولة الأولى من السباق الثلاثي على رئاسة الحزب، لكنه خسر بفارق ضئيل في الاقتراع الثاني.
ويتطلع أرمين لاشيت، الفائز النهائي في مسابقة الحزب، والمتسابق الأول ليصبح المستشار القادم بدلاً من ميركل، لمحاولة اتباع نهج ميركل أو تقليدها.. يقول لاشيت: “أنا أؤيد استراتيجية الحكومة الصينية”.
لكن يجب أن نتحدث عن مخاوفنا من تفوق الصين عالمياً، ولكن ليست هناك حاجة لقلب سياستنا تجاه الصين رأساً على عقب”. كما قال: “إنه يريد مقاربة أكثر ليونة تجاه روسيا”.
لكن بعض أحزاب المعارضة لها وجهة نظر أخرى، فقد دعت مرشحة حزب الخضر لمنصب المستشارة – أنالينا بربوك – إلى مزيد من الضغط على روسيا وعارضت خط أنابيب نورد ستريم 2، وهي أيضا من أشد منتقدي بكين، كما يتخذ الحزب الديمقراطي الحر مواقف متشددة تجاه بكين، لذلك لاتزال التداعيات الجيوسياسية للانتخابات الفيدرالية المقبلة غير مؤكدة في الوقت الحالي.
السيناريوهان الأكثر احتمالاً هما: إما ائتلاف كبير مكون من CDU، وحزب الخضر والحزب الاشتراكي الديمقراطي، أو ائتلاف كبير يتكون من CDU، وحزب الخضر، والحزب الديمقراطي الحر، وقد يؤدي السيناريو الثاني إلى إحداث تغييرات في السياسة الخارجية الألمانية، لاسيما فيما يتعلق بالصين وروسيا – ما ينتج عنه مزيج غريب من التوافق والخلاف مع الولايات المتحدة، ومع رئيسها الجديد بايدن الذي قد لا تسره تلك النتائج.
بقلم: ستيفانو جراتسيوسي