لا أعتقد- كالكثيرين غيري- أن قرار الحكومة الأخير بزيادة أسعار الخبز والمازوت كان مفاجئاً لأي مواطن، فالسيناريو المكرر المعتمد منذ سنوات المتمثل بحدوث اختناقات وقلة في مادة ما، يعني حكماً أن زيادةً ستطول المادة حتى إن الشارع السوري ونتيجة تلك الأزمات المتتابعة بات يدعو بنفسه لزيادة سعر أي مادة شرط توفرها.
ورغم أن جعبة الحكومة مليئة بالكثير من الأسباب المنطقية والموضوعية لتوجهها نحو خيار رفع الأسعار لمواد ومنتجات كان مجرد الحديث عن رفع بعضها يعتبر خطاً أحمر لا يمكن المساس به كالخبز، خاصة مع تزايد فاتورة الدعم في ظل محدودية الموارد إلا أن الترويج الصحيح المدعم والشفاف ووضع الناس بموجبات التوجه نحو زيادة الأسعار المستمرة لمواد ومنتجات أساسية لا تزال ضعيفة وبعيدة عن محاولة ابتكار الحلول والمعالجات لمشاكل وأزمات اقتصادية تحتاج فقط لمن يبحث بها ويتابع مراحل وصولها للمرحلة الحرجة، وهنا يفترض أن نكون حاضرين لاعتماد الخطة (ب) أو(ج)- كما يقال- للعمل بها للحد والتخفيف قدر الإمكان من التداعيات والتأثيرات السلبية لأي قرار أو توجه حكومي لا بد منه في هذه المرحلة مع الأخذ بعين الاعتبار هنا عامل التوقيت وهو مهم جداً.
وعلى سبيل المثال لا الحصر في موضوع زيادة أسعار المازوت الخيار الذي اعتبرته الحكومة شراً لا بد منه واتخذ، فما الذي كان يمنع تأجيله لحين الانتهاء من امتحانات الجامعات وقضاء الناس عطلتهم في العيد، ألم نكن تجنبنا حالات الازدحام وانتشار الناس تحت أشعة الشمس الحارقة لوسيلة نقل توصلهم لعملهم أو جامعاتهم، وما رافق ذلك من استغلال كبير مارسه أصحاب وسائل النقل للمواطنين عموماً والطلاب خاصة وجعل حلم الكثيرين بقضاء عطلة العيد بين أهلهم في قراهم ومحافظاتهم صعباً بعد ارتفاع أسعار أجرة النقل بشكل كبير فاق قدرة فرد واحد على السفر فكيف الحال مع أسرة ؟.
أكثر ما نحتاجه خلال هذه المرحلة أن يقتنع المسؤول لدينا بضرورة العمل خارج صندوق القوالب الجامدة والتصريحات التي تغيب عنها المبررات لاتخاذ أي قرار وهذا أمر ممكن لكنه يتطلب من يعمل به بطريقة ذكية وحكيمة.
الكنز- هناء ديب