الثورة أون لاين – ترجمة.ختام أحمد:
بينما يتراجع التحالف العسكري في أفغانستان مع إعلان الفشل، ويعاد تجميع الجنود في الخليج العربي مع 5000 جندي في العراق في ما يسمى بمهمة التدريب، فإنه يتم نشر القوات وأنظمة المراقبة، والسفن القتالية والطائرات الهجومية على طول حدود روسيا، في وقت شنت فيه الولايات المتحدة غارات جوية في سورية والعراق، وأدان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي هذه الغارات ووصفها بأنها “انتهاك صارخ وغير مقبول لسيادة العراق والأمن الوطني العراقي” لكنه كان يضيع وقته، لأن هذا النوع من الاحتجاج ليس له أي تأثير على واشنطن التي لم تبلغ حتى العراقيين عن نيتها في الهجوم.
هل كان من قبيل الصدفة أنه في نفس اليوم الذي قصفت فيه القوات الجوية الأمريكية أهدافًا في العراق وسورية بالصواريخ، بدأت سلسلة من المناورات العسكرية للولايات المتحدة والناتو تسمى “نسيم البحر” على بعد 1000 كيلومتر إلى الشمال.
وقد ذكرت رويترز أن “أوكرانيا والولايات المتحدة بدأت تدريبات عسكرية يشارك فيها أكثر من 30 دولة في البحر الأسود وجنوب أوكرانيا، على الرغم من الدعوات الروسية إلى إلغائها، وهي تشمل ما مجموعه 32 سفينة و 40 طائرة وطائرة هليكوبتر و 5000 جندي، وتشمل الدول المشاركة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وتركيا و”إسرائيل” والمغرب واليابان، وكوريا الجنوبية واستراليا.
أما ألمانيا التي كانت ضالعة في الماضي، لم تشارك هذا العام. إنها أكبر مناورة منذ عقود بعد اختصار تدريبات العام الماضي بسبب الوباء. وتم التخطيط لتدريبات مختلفة في البحر والبر والجو بهدف الارتقاء بأوكرانيا إلى معايير الناتو”. ومن الواضح أن هذا النوع من التصعيد على طول الحدود مع روسيا طفولي ويتعمد المواجهة، وقد تم تجديد النغمة قبل خمسة أيام من بدء Sea Breeze عندما وقعت حادثة تتعلق بالمدمرة البريطانية HMS Defender التي أمرت بإجراء مناورات البحر الأسود على وجه التحديد من أجل إثارة رد فعل روسي.
اعترضت القوات الروسية السفينة الحربية البريطانية وشاهد مراسل بي بي سي “الذي تمت دعوته على متن السفينة قبل وقوع الحادث أكثر من 20 طائرة في السماء وزورقين من خفر السواحل الروسيين كانا في بعض الأحيان على بعد 100 متر (328 قدمًا) فقط. وهذا يتناقض مع تصريحات كل من مكتب رئيس الوزراء البريطاني ووزارة الدفاع التي نفت أي مواجهة “. بالطبع أنكروا المواجهة، لأن الرد التلقائي لحكومة جونسون في لندن هو قول الأكاذيب عندما يواجهون موقفًا محرجاً، لكن الأمر يذهب إلى أبعد من ذلك، وخاصة بعد أن تم العثور على وثائق سرية في أحد المواقف العامة الشهر الفائت تتعلق بالفاندانغو في البحر الأسود من قبل أحد المواطنين في إنكلترا وتم إبلاغه لوسائل الإعلام التي نشرت على الفور تفاصيل حول السبب الحقيقي وراء محاولات الحكومة البريطانية استفزاز روسيا للرد.
لقد ارتقت بي بي سي إلى سمعتها في إعداد التقارير الواقعية والموضوعية وكشفت الغطاء عن محاولات الحكومة لتضليل المواطنين البريطانيين (والعالم) التي لن تفيد في ذلك، وسيكون لها تأثير في تقوية إصرار حزب المحافظين الحاكم على تحييدها وخصخصتها إن أمكن لتصبح معادلاً لبريطانيا لقناة فوكس نيوز الإيمائية الأمريكية .
و”تظهر الوثائق أن المهمة دُبرت من قبل وزارة الدفاع باعتبارها أن العمل سيكون في المياه الإقليمية الأوكرانية، على أمل أن ترد روسيا بقوة. وأشارت الوثائق إلى أنه لا توجد متطلبات عسكرية لإرسال السفينة الحربية بالقرب من شبه جزيرة القرم وأنه “تم النظر في طريق بديل، والذي كان من شأنه أن يبقي HMS Defender بعيدًا عن المياه المتنازع عليها. وأشار العرض التقديمي (المرفق بالوثائق) إلى أن هذا كان من شأنه أن يتجنب المواجهة، لكنه يظهر كدليل على “خوف المملكة المتحدة” مما سمح لروسيا بالادعاء بأن المملكة المتحدة قبلت متأخرة مطالبة موسكو بالابتعاد عن المياه الإقليمية لشبه جزيرة القرم”.
ترفض الحكومة البريطانية الاعتراف بأن سكان القرم يفضلون أن يكونوا جزءًا من الاتحاد الروسي بدلاً من أوكرانيا، كما أشار أحد المعلقين في صحيفة ديلي ميل البريطانية، بيتر هيتشنز ، الذي كتب في عام 1991 صوت سكان القرم بأغلبية ساحقة (93 في المائة من نسبة 80 في المائة من الإقبال) على الحكم الذاتي لشبه الجزيرة – أي فصل شبه الجزيرة عن السلطة المباشرة لأوكرانيا.. في كانون الأول 1991 صوتت أوكرانيا في استفتاء لترك الإمبراطورية الروسية. قبلت موسكو بهذا و كان قادة أوكرانيا سعداء بالحصول على حريتهم من خلال هذا التصويت.تريد الحكومة البريطانية تلميع الصورة الدولية للبلاد، وتريد إظهار أن ليس لدى بريطانيا مصالح تجارية أو إستراتيجية مرتبطة بأوكرانيا أو شبه جزيرة القرم أو البحر الأسود، ولا علاقة لها بما يتم عرضه للتحليل في لندن، وتركز السياسة الوطنية والموقف العسكري على إعلان رئيس الوزراء جونسون أنه يسعى إلى “جعل المملكة المتحدة أقوى وأكثر أمانًا وازدهارًا مع الدفاع عن قيمنا”. وما لا يفهمه هو أن القادة الوطنيين لا يجعلون مواطنيهم أكثر أمانًا من خلال الانغماس في سلوكيات المواجهة الغريبة المصممة خصيصًا لاستفزاز دولة أخرى للقيام بعمل عسكري.
ذكرت صحيفة لندن تايمز أن “القائد العام للقوات المسلحة قال: إنه قلق من هذه الحوادث و المواجهة في البحر الأسود مع روسيا. وأضاف الجنرال السير نيك كارتر إن الصراع بين المدمرة البريطانية إتش إم إس ديفندر والقوات الروسية في المياه المتنازع عليها قبالة ساحل شبه جزيرة القرم كان مثالاً على سوء تقدير وتصعيد غير مبرر.
يريد جونسون تطوير ” بريطانيا العالمية “، وفرض الرهبة على المسرح العالمي، بمساعدة حلف شمال الأطلسي. لكنه لن يحقق “بريطانيا العالمية” بالمواجهة العسكرية، فالتصعيد العسكري لن يأتي لنا بالأمان والازدهار.
بقلم: بريان كلوجلي
Strategic Culture