لم ينفصل ولم يحد الخطاب التاريخي الشامل الذي ألقاه السيد الرئيس بشار الأسد بمناسبة أدائه القسم الدستوري لولاية دستورية جديدة عن شعار “الأمل بالعمل” الذي واكب الحملة الانتخابية الرئاسية وكان عنواناً إرشادياً ومفتاحياً لها، بل جاء تجسيداً حياً لما انطوى عليه الشعار من مضامين عديدة تعتبر أساساً واقعياً لا بد منه للنهوض بسورية في المرحلة القادمة، فالخطاب كان استشرافاً شفافاً للمستقبل برؤية علمية موضوعية عقلانية بعيدة كل البعد عن الأوهام والأحلام والرومانسية السياسية.
من المؤكد أننا في سورية ما زلنا نعاني من حصار خانق وإرهاب اقتصادي قاس يفرض وطأته على أبناء شعبنا وقد تطول مدتهما، ولكن الثقة بإمكانات وقدرات هذا الشعب الذي هزم الإرهاب وتحدى الصعاب وأعطى للعالم دروساً في الوطنية هي أساس كل تطور يمكن أن تشهده سورية في المستقبل، فالحصار في أحد وجوهه يشكل فرصة أكبر للتطوير والنهوض وذلك بالاعتماد على الإمكانات الذاتية، وكما قال سيادته في الخطاب “الشعب الذي خاض حرباً ضروساً واسترد معظم أراضيه وفرض دستوره في الشارع وصناديق الاقتراع رغماً عن أنف أقوى الدول وأكبر الدول وأغنى الدول بكل تأكيد قادر على بناء اقتصاده وعلى تطوير ذاته بأصعب الظروف وبالإرادة والتصميم نفسهما”.
بالطبع لم يأتِ كلام سيادته من فراغ، فما تحقق خلال سنوات الحرب الظالمة وهي قدرة السوريين ببسالة جيشهم وقواتهم المسلحة على تحرير معظم المناطق واستعادتها لحضن الوطن ودحر الإرهابيين منها كان عملاً بطولياً إعجازياً بكل المقاييس، وذلك بالنظر للمخططات العدوانية الكبيرة التي كانت تستهدفهم بسيادتهم ووجودهم وقيمهم وهويتهم وانتمائهم، وهذا ما كان ليحدث لولا الوعي الوطني الرفيع الذي يتمتع به شعبنا ويتحصن به.
إن العودة للوراء قليلاً لقراءة ما جرى خلال سنوات الحرب “كما دعا سيادته في الخطاب” هي عودة ضرورية لفهم وتحليل أسباب ما حدث وأخذ الدروس والعبر المناسبة، وهذا ضروري لبناء المستقبل على أسس صحيحة تضمن عدم تكرار نفس الأخطاء والهنات والارتكابات التي ساهمت بجزء مما جرى، وهو عمل للمستقبل
لا بد منه لتحصين انطلاقتنا المنشودة بكل ثقة.
البقعة الساخنة – عبد الحليم سعود