الملحق الثقافي:ميثاء محمود:
يبدو أن العالم الذي نعيش فيه، لم يعد يميل إلى النقاء والتأمل والإبداع، وما نراه منه اليوم، يؤكّد غرقه في شتى أنواع الانحرافات والتعقيدات، الأخلاقية والروحية والفكرية..
مع ذلك، علينا ألا نستسلم لعبثيّته، وألا ننقاد إلى ما يجعلنا واقعين تحت تأثير خموله وعجزه، بل وتيه الإنسان الذي أصبح يشعر فيه بضياعه، وبرضوخه غاضباً ويائساً وضجِراً، لكلّ ما يجعله عبئاً على ذاته، وعلى الوجود والحياة، التي هي لمن يتأمّل جيّداً في حقيقتها، أشبه بحديقةٍ إن أحسنّا اختيار مكان جلوسنا فيها، جذبتنا ورودها، فانتشينا بعطرها، لنبحث بعدها عن الأسرار التي فيها، وتملك من التأثير علينا حداً، يُشعرنا بالهدوء والسكينة الروحيّة، ويبعدنا عن التفكير بكلّ ما نعانيه ويؤلمنا، ولاسيما في الظروف الحالية.
أكثر زهور هذه الحياة، قدرة على فعل ذلك، زهرة اللوتس، المدهشة في قدرتها على منحنا الإيمان، بإمكانيّة الازدهار والاستمرار، حتى في أحلك لحظات الظلام، وأشدّ البيئات امتلاءً بالنتانات والأوبئة..
إن أردنا معرفة كيف يكون ذلك، فلننظر إلى الطريقة التي تنمو بها أزهارها، فهي لا تتأثّر بالمياه العكرة التي تنبت فيها، ولا بالوحل الذي تغسل نفسها منه، لتبقَ رمزاً خالداً في دلالته على إمكانية الاكتمال والجمال، رغماً عن كلّ المعوقات والبشاعات، التي تشوب الحياة اليومية.
من أسرارها، كونها رمزاً لدى ممارسي فن اليوغا، وهي واحدة من ثمانية رموز ميمونة للبوذية، وعلامة على النقاء والصحوة الروحيّة، بل وتجسّد زهرة اللوتس المتفتحة من الوحل، المسار الروحيّ للتنوير..
أما عن ألوانها المختلفة، فلها دلائل عديدة لدى البوذيين، ذلك أن البيضاء منها، تمثّل لديهم، وعلى سبيل المثال، العقل المستيقظ، وعادة ما يكون اللون الأبيض رمزاً للنقاء والبراءة والكمال الروحيّ، والخير والإضاءة والإيمان، ناهيك عن كونها تمثّل، ولدى بعض الثقافات، رحم العالم..
اللون البنفسجي، يرمز إلى التصوّف، وترتبط زهرته لدى كُثرٌ، بالطوائف الباطنية، ولدى البوذية، هي الحقيقة النبيلة.
ألوان عديدة ومدهشة.. ورديّ يرمز إلى الأنوثة والطبيعة اللطيفة، بل والحقيقة لدى بوذا.. أزرقٌ يدل على العمق والإلهام والصدق والثقة والحكمة، وكذلك الهدوء والراحة.. أما اللوتس الحمراء، فككلّ الورود، تشير إلى الحب والعاطفة والتضحية والهيمنة والسلطة.
هذه هي أسرار زهرة اللوتس. زهرة الحياة والخصوبة والازدهار والخلود.. تأملوا فيها جيداً، تقودكم إلى أنفسكم، إلى عوالمٍ من الهدوء الروحي والعقلي..
التاريخ: الثلاثاء27-7-2021
رقم العدد :1056