الثورة أون لاين – فاتن احمد دعبول:
بعد حياة حافلة بمحطات أغنت مسيرته التي انتهت بمرض عضال.. أبى إلا أن يذهب به إلى عالم الخلود، كان لابد أن يقدم خلاصة تجربته في عبارة ربما تلخص عالمه، ويقدمها لنا بكلمات ستبقى شاهدة على فكره، وأهم ما كان يؤرقه وهو الثائر المتمرد، يقول:” اكتشفت أنني كنت أكتب دون كيشوت طوال حياتي، قوة التصدي لعالم ينهار، لأن القيم فيه تنهار، والاكتشاف الأخطر هو إلى أي حد كنت أنا أيضا دون كيشوت، حين أنبري لمعالجة عطب عصري بالكلمات”.
ويأتي كتاب الأديبة والإعلامية نهلة كامل التي احتفت بتوقيعه في فندق جوليا دومنا والذي حمل عنوان” ممدوح عدوان.. الفارس الخاسر” تتويجاً لسيرة حياة الأديب الشامل الذي طرق أبواب الأجناس الأدبية في أغلبها.. فتنقل بين المسرح والشعر والدراما.. كان هاجسه الوطن وما يعانيه من آلام حتى إنه نسي آلامه التي كانت تقض مضجعه في أيامه الأخيرة، وكان يردد دائماً: يا بلادي التي علمتني البكاء.
وعن الكتاب تحدثت المؤلفة أن خصوصيته تكمن في أنه قراءة في منجز ممدوح عدوان الإبداعي الذي استمر 40 عاماً، وأصدر خلالها حوالي 92 كتاباً في شتى أجناس الأدب، الشعر، الترجمة والفكر.
وأضافت: عرفته منذ بداية عملي في جريدة الثورة وكان يترأس قسم الترجمة، وهاجسه الأكبر هو الدعوة إلى تحرير المرأة والوقوف إلى جانبها وتوعيتها، تميزت كتاباته بالجرأة والتمرد وفكره المتجدد، وتابعت كل ماكان يكتبه حتى نهاية حياته.
أما الكتاب فهو يدور حول محورين اثنين، المحور الأول عن سيرة التمرد ومفاهيمه حول التمرد الإنساني.
والمحور الثاني تحدث عن أنطولوجيا حزب الجوع، فقد حمل الجوع لدى ممدوح عدوان دلالته الجديدة كأول المحفزات الإيديولوجية لانطلاقتها الأدبية.
وبينت الأديبة والإعلامية ديانا جبور أن شخصية ممدوح عدوان صادمة ولكنها شخصية توافقية في الآن نفسه، فهو قادر بأصالته أن يصنع حالة توافقية بين المختلفين.
وأهمية الكتاب تكمن في أننا اليوم نعاني من انقطاعات بنقل الخبرات والمعارف والثقافة للأجيال، والذي لا يملك آباء حقيقيين لا يستطيع أن يبني عالماً شامخاً، وممدوح عدوان كان يضفي الكثير من البهجة على أي فعل رصين وهذا امتياز جدير به.
وبدورها بينت د. ميسون علي أن الكتاب هو تكريم من نوع خاص، وقد أثرى المكتبة السورية والعربية في أجناس الأدب والمسرح، واستحق أن ترصد تجربته وتوثق، فلم يكن ممدوح عدوان مبدعاً وحسب، بل كان أستاذاً أكاديمياً من الطراز الأول، ساهم في تنشئة أجيال في المعهد العالي للفنون المسرحية، وكان يدرس مادة الكتابة المسرحية، وبرز من طلابه عدد من الكتاب الذين رفدوا الدراما السورية بالعديد من النصوص، كان أباً ومشجعاً وداعماً، لم ينقطع عن طلابه يوماً رغم مرضه الشديد، فكان يتابع مشاريع تخرجهم حتى آخر لحظة في حياته.
ويرى سامي أحمد صاحب دار التكوين أن الكتاب يضيء على السيرة الكاملة لممدوح عدوان، المعلنة منها وغير المعلنة، من خلال مواكبة نهلة كامل لمحطات عديدة من حياته، والكتاب يعرِّف القارىء على شخصية عدوان ونمط تفكيره وأسلوبه الشعري، ويركز على جانب التمرد في مسرحه.
ويبقى ممدوح عدوان كما وصفه الشاعر عادل محمود في مقدمة الكتاب ذاك الريفي المحترف المتورط في صناعة الأحلام، وأن ثمة ميثاق شرف للكتابة، حتى لو لم يكن موجوداً في أي مكان، وغير ملزم لأي كان، فإن توقيع ممدوح عدوان على ما كتبه، كان حراً وملزماً، ممدوح عدوان.. أنقص عدد الشرفاء واحداً