“فالداي ديسكشن كلوب”: هل يتراجع بايدن عن سياسات ترامب العقابية؟

الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:

تجري مراجعة سياسة العقوبات في الولايات المتحدة على قدم وساق, حيث تسعى إدارة جو بايدن جاهدة لجعل أدوات العقوبات أكثر فاعلية في تحقيق أهدافه السياسية، وفي نفس الوقت تقليل التكاليف السياسية والاقتصادية، حيث يتخلى بايدن بحذر ولكن باستمرار عن نموذج العقوبات الذي ظهر خلال رئاسة دونالد ترامب.
اتسمت سياسة العقوبات الأميركية في عهد ترامب بعدة عناصر:
أولاً: طبقتها واشنطن بقسوة شديدة، فمثلاً، في عدة بلدان كالصين، إيران، روسيا، فنزويلا، الخ، استخدمت الولايات المتحدة قيوداً اقتصادية ومالية دون تردد، وأحياناً بإجراءات غير مسبوقة.
حتى أن قسوة بعض هذه الإجراءات صدمت الحلفاء وغيرهم على حد سواء في معظم الأحيان، ومن ضمنها تلك العقوبات المُتخذة في 6 نيسان 2014 ضد مجموعة من رجال الأعمال الروس وأصولهم، أو حظر بعض خدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية الصينية في الولايات المتحدة، أو العقوبات التي تحظر المحكمة الجنائية الدولية.
العقوبات الأميركية الجديدة لا تزال محفوفة بالشكوك، والسؤال الرئيسي هو ما إذا كانت الولايات المتحدة تفرض قيوداً على التزامات الديون السيادية الروسية؟!.
كتب مدير برنامج فالداي كلوب إيفان تيموفيف يقول “إن مثل هذا الإجراء يمكن أن يتسبب في أضرار جسيمة ويكون له تأثير على الأسواق العالمية”.
ثانياً: تجاهل ترامب بوضوح آراء حلفاء الولايات المتحدة، فقد أجبر الانسحاب أحادي الجانب من الاتفاق النووي مع إيران في 2018 الشركات الأوروبية على مغادرة إيران، ما أدى إلى خسائر كبيرة.
حتى أن بعض أقرب الحلفاء كانوا منزعجين، وكان مصدر الإزعاج الآخر هو محاولة ترامب (بدعم من الكونغرس) دق إسفين في عجلات مشروع خط أنابيب نورد ستريم 2، وعلى الرغم من العلاقات المعقدة بين موسكو والاتحاد الأوروبي، دافع الأخير عن حقه في أن يقرر بشكل مستقل ما هو في مصلحته وما هو غير ذلك.
ثالثاً: ظهرت مخاوف بشأن العقوبات بين رجال الأعمال الأميركيين أيضاً، فقد تزايدت المخاوف في الأوساط المالية من أن الاستخدام المفرط للعقوبات سيؤدي إلى التسييس غير الضروري للنظام المالي العالمي. فمن الصعب حدوث تراجع جذري على المدى القصير في الدور العالمي للدولار، لكن المخاطر السياسية تجبر العديد من الحكومات على التفكير بجدية في الأمر. بدأ كل من الخصمين (موسكو وبكين) والحلفاء (بروكسل) في تنفيذ الخطط المقابلة. وقد أثرت العقوبات التجارية ضد الصين على عدد من الشركات الأميركية في قطاعي الاتصالات والتكنولوجيا الفائقة.
نشأت الشروط المسبقة لمراجعة سياسة العقوبات حتى قبل وصول جو بايدن إلى السلطة. بادئ ذي بدء، تم إجراء الكثير من العمل التحليلي بواسطة مراكز الفكر الأميركية، وهي مراكز أبحاث غير حكومية قدمت تحليلات غير متحيزة عن الإنجازات والأخطاء. بالإضافة إلى ذلك قام مكتب محاسبة الحكومة الأميركية بعمل جاد، ففي عام 2019 أعد تقريرين للكونغرس حول مؤسسات سياسة العقوبات الأميركية، ومع ذلك أدى فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية إلى تسريع مراجعة أدوات العقوبات بشكل كبير.
لا يزال يتعين على بايدن والكونغرس إنشاء أنظمة عقوبات جديدة. وهنا في جميع الاحتمالات، تنتظرنا مراجعة معينة للسياسة الحالية.. من غير المحتمل أن يؤدي ذلك إلى تغييرات نوعية جذرية في جميع المجالات، ولكن يمكن في الوقت ذاته توقع تصحيح التفاصيل المهمة.
يمكن تلخيص المبادئ التوجيهية الجديدة لسياسة العقوبات الأميركية على النحو التالي: أولاً، تطوير العقوبات المستهدفة وتحليل أكثر جدية لتكاليفها الاقتصادية بالنسبة للأعمال التجارية الأميركية، وكذلك الأعمال التجارية من الدول الحليفة والشريكة. ثانياً، تنسيق أوثق مع الحلفاء. وهنا، أرسل بايدن بالفعل عدداً من الإشارات المشجعة من خلال تقديم إعفاءات مؤقتة من العقوبات على نورد ستريم 2، وعلى الرغم من إدراج عدد من المنظمات والسفن الروسية في قوائم العقوبات الأميركية، فإن نورد ستريم 2 نفسها وقيادتها لم يتأثروا، وثالثاً، نحن نتحدث عن مزيد من الاهتمام بموضوع حقوق الإنسان التي ستكون مصدر إزعاج في العلاقات مع روسيا والصين.
رابعاً، تعمل الإدارة على قلب قرارات ترامب الأكثر إثارة للجدل. فقد تم إلغاء قرارات 2020 بشأن الاتصالات الصينية، وإلغاء المرسوم الخاص بالعقوبات المفروضة على المحكمة الجنائية الدولية، وتعديل المرسوم الخاص بالشركات الصناعية العسكرية الصينية، كما أن المفاوضات جارية أيضاً مع إيران بشأن الاتفاق النووي.

بالإضافة إلى ذلك، ستخضع وزارة الخزانة الأميركية، وهي إحدى وكالات العقوبات الأميركية الرئيسية، لتحديثات في الموظفين. فإليزابيث روزنبرغ، الخبيرة البارزة في العقوبات التي عملت سابقاً في مركز الأمن الأميركي الجديد، قد تتولى منصب مساعد وزير الخزانة وستشرف على موضوع العقوبات. وهكذا يتم تطبيق مبدأ “الأبواب الدوارة”، المألوف لدى الأميركيين، عندما يتم تزويد الخدمة المدنية بموظفين من مجتمع الخبراء والشركات، ثم “إعادتهم”.

في الوقت نفسه، لا يمكن تسمية مراجعة سياسة العقوبات من قبل الإدارة الجديدة بأنها ثورة، فالترتيب المؤسسي سيبقى دون تغيير. إنه مزيج من وظائف الإدارات المختلفة، الخزانة، وزارة التجارة، وزارة العدل، وزارة الخارجية، الخ، فقد تراكمت خبرة التنسيق بين الوكالات على مر السنين.
بالنسبة لروسيا، من غير المرجح أن تأتي المراجعة بتغييرات جذرية وستستمر الآليات القانونية للعقوبات ضدها، وسيؤدي التركيز على حقوق الإنسان إلى زيادة العقوبات ضد الهياكل الحكومية وهذا سيؤدي حتماً إلى حدوث أزمات سياسية منتظمة في العلاقات بين البلدين.
المصدر: Valdai Discussion Club

آخر الأخبار
بعد توقف سنوات.. تجهيز بئر مياه تجمع «كوم الحجر» "موتوريكس إكسبو 2025" ينطلق الثلاثاء القادم رؤية وزارة التربية لتشريعات تواكب المرحلة وتدعم جودة التعليم العودة المُرّة.. خيام الأنقاض معاناة لا تنتهي لأهالي ريف إدلب الجنوبي منظمة "رحمة بلا حدود" تؤهل خمس مدارس في درعا مجلس مدينة سلمية.. مسؤوليات كبيرة و إمكانات محدودة إنقاذ طفل سقط في بئر مياه بجهود بطولية للدفاع المدني  المجموعات الخارجة عن القانون في السويداء تخرق وقف إطلاق النار هجمات " قسد " و" الهجري " .. هل هي صدفة  أم أجندة مرسومة؟! تجربة إقليمية رائدة لوفد من الاتصالات وحداثة النموذج الأردني في تنظيم قطاع الاتصالات والبريد  صعود الهجري وتعقيدات المشهد المحلي في السويداء.. قراءة في ملامح الانقسام والتحوّل  العائدون إلى ريف إدلب الجنوبي يطالبون بإعادة الإعمار وتأمين الخدمات الأساسية رغم التحديات الكبيرة.. انتخابات مجلس الشعب بوابةٌ للسلم الأهلي  اختيار الرئيس 70 عضواً هل يقود إلى ... صناعيون لـ"الثورة": دعم الصناعة الوطنية ليس ترفاً المجمع الإسعافي بمستشفى المواساة الجامعي .. 93 بالمئة إنجاز يترقب قراراً للانطلاق باحث اقتصادي يقترح إعداد خطط لتخفيض تكاليف حوامل الطاقة  حلب تضع خارطة طريق لتطوير البيئة الاستثمارية وتعزيز التنمية الاقتصادية اختتام امتحانات الثانوية العامة.. طلاب حلب بين الارتياح والترقّب  الثروة الحراجية في درعا.. جهود متواصلة تعوقها قلّة عدد العمال والآليات دعم الأميركيين لحرب إسرائيل على غزة يتراجع إلى أدنى مستوى