الثورة أون لاين – مها الداهوك:
رغم تشدق حكوماتها عبر العقود الماضية بحماية الحريات، و زعمها بالدفاع عن حقوق الإنسان و المواطنة حول العالم، تواجه الولايات المتحدة الأمريكية أزمة داخلية غير مسبوقة حيث يواجه ما يقارب العشرة ملايين مواطن أميركي خطر الطرد من منازلهم بعد انتهاء مهلة حظر الإخلاء المقرر بحق ملايين السكان المتخلفين عن دفع إيجارات منازلهم بسبب الظروف الاقتصادية التي خلفتها جائحة كورونا في البلاد.
واحتجاجاً على انتهاء وقف إخلاء المستأجرين مساكنهم على مستوى البلاد الذي تم فرضه لمواجهة أزمة كورونا.. أقامت النائبة الأمريكية كوري بوش مخيماً احتجاجياً ليل السبت الأحد خارج مبنى الكابيتول في واشنطن، بالتوازي مع تصاعد حدة الغضب والإحباط في الكونغرس مع انتهاء وقف الإخلاء على مستوى البلاد، حيث فشل أعضاء الكونغرس قبل بدء عطلتهم الصيفية في التوصل إلى اتفاق لمنح مهلة إضافية للمستأجرين، و إصرارهم على عدم إعطاء موافقتهم على تمديد سريان وقف الإخلاء حتى 18 تشرين الأول، وسط معارضة الجمهوريين لهذه المبادرة وعدم تأييدها من قبل جزء من الديمقراطيين، الأمر الذي لم يسمح بطرحها للتصويت، ما يعني أن الأزمة آخذة بالتفاقم في ظل المناكفات والمهاترات السياسية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
يذكر أن عطلة الكونغرس الأمريكي تستمر حتى نهاية آب المقبل الأمر الذي يبدد الأمل في التوصل إلى اتفاق سريع وهو ما يترك أكثر من عشرة ملايين شخص تخلفوا عن دفع بدلات إيجاراتهم حسب تقديرات (مركز أولويات الميزانية والسياسة) عرضة للطرد والتشرد في ظل ظروف اقتصادية وصحية معقدة.
و رغم ادعاء الكونغرس موافقته على منح قرابة 47 مليار دولار من المساعدات الفيدرالية للإسكان للولايات خلال الوباء، لكن التنفيذ كان بطيئاً في إيصال تلك المساعدات للمستأجرين وأصحاب العقارات حيث تأخر وصول المبالغ التي وعدت بها الحكومة الفيدرالية إلى حسابات المستأجرين المصرفية بسبب النقص الحاصل في إقامة أنظمة متطورة لتلقي الطلبات والتثبت من أوضاع الأفراد، ودفع الأموال وغيرها، وبالتالي لم يصل سوى ثلاثة مليارات دولار إلى الأسر من أصل 46 مليار دولار أقرتها الحكومة.. بينها 25 مليار دولار صرفت في مطلع شباط الماضي.
ورغم طلب الرئيس جو بايدن من الكونغرس الخميس تمديد مهلة التعليق، لكن خطوته واجهت انتقادات عديدة إذ يأخذ عليه الكثيرون تأخره في اتخاذ القرارات وانتظاره حتى اللحظة الأخيرة للتحرك، وهو دليل على تخبط القرار السياسي الأمريكي نتيجة التجاذبات السياسية بين الديمقراطيين والجمهوريين، الأمر الذي أكدته الرئيسة الديمقراطية لمجلس النواب نانسي بيلوسي في بيان لها: “للأسف لم يدعم أي جمهوري إجراء التمديد.. من المخيب للأمل للغاية أن يرفض الجمهوريون في مجلسي النواب والشيوخ العمل معنا على هذه المسألة” فيما أكد مصدر في الكونغرس أن الاقتراح ليس موضع إجماع في صفوف الديمقراطيين أنفسهم.
ومما سبق عرضه يتضح للمتابع ورغم امتلاك الولايات المتحدة الأمريكية لأكبر اقتصاد في العالم مدى التخبط السياسي في الداخل الأمريكي و ما تمر به البلاد من أزمات اجتماعية و اقتصادية خانقة ما يضع حكومتها أمام اختبار سياسي قد يفضي لأزمات أخرى تؤثر على مكانتها و قراراتها السياسية في المراحل المقبلة
