الثورة أون لاين – رشا سلوم:
كتاب قديم جديد للباحث الراحل نصر الدين البحرة , صدر في طبعته الثانية تحت هذا العنوان عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق , وكان الكتاب قدم منذ عقدين من الزمن عن مطبعة عكرمة بدمشق تحت عنوان ( نفسية اليهودي), وقد وجد صدى مهما حينها تناولته الصحافة العربية بالدراسة والتحليل , ومما كتبتها جريدة البيان وعلى لسان الباحث البحرة أنه خلال السنوات الاخيرة الماضية قرأ عددا لا بأس به من الكتب والمراجع الاساسية عن الحركة الصهيونية والديانة اليهودية والشخصية اليهودية الصهيونية، احيانا بدءا من التوراة واسفارها التسعة والثلاثون وهي منحولة باجماع المؤرخين المعاصرين كما انها كتاب آخر غير الذي انزله الله سبحانه وتعالى على سيدنا موسى عليه السلام. وربما كان شكسبير اهم شاعر انطلق من شمول معالجته النماذج البشرية كافة بما في ذلك النموذج اليهودي في مسرحيته المشهورة تاجر البندقية حيث يقدم لنا شكسبير مادة خصبة وكثيرة الغنى لاستقراء شخصية اليهودي في مستهل العصور الحديثة. فاذا كان اليهودي شايلوخ هو بين الشخصيات الرئيسية في المسرحية كما يبدو من جهة فان ارتباط الاحداث الاساسية فيها وتمحورها على نحو بارز حول حكاية القرض من شايلوخ هذا وما تلا ذلك وواكبه من وقائع.. كل هذا يحملنا على الاعتقاد الى حد ما أن شكسبير قد كرس هذه المسرحية من جهة ثانية كي يظهر لنا شخصية «اليهودي» تحت الاضواء الساطعة فوق خشبة المشرحة التاريخية حيث اعمل هذا المفكر الانجليزي الشاعر مبضعه في انحائها كاشفا عن قروحها القديمة مظهرا حتى الندوب التي تركتها جروح مغرقة في الماضي لم يفلح مر السنين في اخفاء اثارها.
ويرى نصر الدين البحرة انه ثمة عناصر واضحة للغاية ومحدودة جدا يستنتجها قارىء العهد القديم حول نفسية اليهودي خاصة الاسفار التالية: يشوع، عزرا، استير، حبقوق، اخبار الايام… فهو متعصب عابد للمال والذهب والفضة بالاضافة الى انه قاس كل القسوة تجمع في قلبه كل حقد الارض والتاريخ لذلك فهو متعطش للدم ولا حدود لشهوته للانتقام والقتل والتدمير. واذا كان «شايلوخ» نموذج اليهودي الذي هو «فوق» في اعلى الهرم الاجتماعي فان «فاجين» في رواية اوليفر تويست لتشارلز ديكنز هو نموذج اليهودي الذي هو تحت في ادنى الهرم الاجتماعي. الاول يطلب المال بين الواقفين في قمة الهرم والثاني يلهث في طلبه بين الواقفين في اسفل السلم وكل منهما متعطش الى الدم والانتقام والاثنان يلتقيان من ناحية اخرى في نظرتهما الى الاخلاق او بتعبير ادق اللااخلاق التي هي المبتدأ والخبر عند اليهودي اما الاخلاق كما يفهمها الاخرون ويعيشونها في اية صيغة من صيغها الاجتماعية العملية فانها لا تهم اليهودي الا عندما يكون في حاجة اليها وحينما تستطيع ان تسدي اليه خدمة ما في مسعاه الدائب من اجل الحصول على المال فهذا هو الوجه الحقيقي لليهودي في مختلف العصور. من جهة اخرى تناول شخصية اليهودي ونفسيته في روسيا القرن التاسع عشر اثنان من كبار الكتاب الروس وهما نيكولاي جوجول وفيودور دستويفسكي. فقد نشر دستويفسكي عام 1873 في مجلة «المواطن» سلسلة مقالات عن المسألة اليهودية تحت عنوان «مفكرة كاتب» لم يقدر لها ان تظهر بين اعمال دوستويفسكي الكاملة مرة واحدة سنة 1895 اختفت بعدها نهائيا بين مؤلفات الكاتب العظيم. وقد عالج جوجول الشخصية اليهودية في عمله الادبي الشهير «تاراس بولبا» مقدما اياها من خلال وجود اليهود الجماعي في الجيتو وخارجه وعبر شخصية المرابي الخمار يانكل الذي كان في الاصل واحد من يهود زابورجي وكانت زمن احداث الرواية متداخلة مع روسيا ونتيجة الاحداث التي وقعت في هذه المقاطعة غادر الى «دربنو» فافتتح حانة هناك واخذ بالتدريج يتحكم بكل النبلاء والسادة في الجوار وشيئا فشيئا اخذ يمتص كل النقود منهم حتى صار كل من في المنطقة يشعر بنفوذ هذا اليهودي وتسلطه.
الكتاب في طبعته الجديدة يقدم قراءة مهمة فيرأي دوستوفيسكي باليهودي ويحلل ذلك تحليلا علميا يصل بنا إلى قراءة أعمق ما في داخل اليهودي المتصهين , وكيف عمل الصهاينة على إخفاء الوثائق التي قدمها دوستوفيسكي حول ذلك .