“إذا لم تنجح الزراعة هذا العام فكلنا خاسرون” نذكر جميعاً هذه العبارة التي أطلقها وزير الزراعة الموسم الماضي والتي كان يقصد فيها زراعة القمح حينها لدرجة تسمية هذا العام “بعام القمح” إلا أن ذلك لم يتحقق للأسف لأسباب قد نتفهم بعضها نتيجة ظروف خارجة عن إرادة المعنيين، وأسباب أخرى تعود لعدم وجود برامج تنفيذية قابلة للتطبيق على أرض الواقع، بمعنى أن هناك تقصيراً وعدم دراية لدى المسؤول الزراعي.
اليوم ومع مناقشة الخطة الإنتاجية الزراعية للعام القادم بحضور ثلاثة وزراء كلّ ما رأيناه مجرد تبريرات وآمال ووعود لتحسين الموسم القادم، ودعوات خجولة للقطاع الخاص ليكون شريكاً مهماً في دعم مستلزمات الإنتاج الزراعي.
المراقب للخطط الإنتاجية الزراعية في كلّ موسم لا يرى إلا كلاماً وخططاً واستراتيجيات بنمط تقليدي لا يفيد الفلاح الذي يعتبر أساس أي خطة زراعية، فالانطلاق يجب أن يكون أولاً من احتياجاته في العملية الإنتاجية الزراعية.
المشكلة أن هذا القطاع الحيوي الذي كان ولا يزال رافعة الاقتصاد الوطني يتمّ التعاطي معه من خلال مؤتمرات نظرية بعيداً عن الأرض، مع معرفة وقناعة الجميع أن المسألة الزراعية في سورية تراكمية ليست نتيجة الظروف الحالية بل نتيجة سياسات ونهج تخطيطي سابق أدى إلى ما نحن عليه اليوم.
لا يمكن تغيير الواقع الراهن إلا من خلال برامج تنفيذية قابلة للتطبيق، فنمط بدائل السياسات المعتمدة على التشجيع والتحفيز والدعم لن يكون مجدياً لبناء اقتصاد زراعي تنافسي، بل يجب أن تبنى مقاربة تنموية تأخذ بعين الاعتبار أنه لا يمكن إحداث تغيير جذري إلا من خلال برامج تنفيذية يشارك فيها أصحاب الصلة وتحديداً الفلاح.
الزراعة تحتاج إلى شبكات مياه للري وكهرباء ومستلزمات إنتاج رخيصة، وإجراء إصلاحات حقيقية ودعم مادي يترجم من خلال موازنتها السنوية، لأن الإنفاق هنا سيكون مجدياً وإيجابياً للاقتصاد ككل مع مشاركة فاعلة للقطاع الخاص للانتقال فيما بعد نحو مكننة زراعية واقتصاد زراعي تنموي وتنافسي، فالعالم يتوجه نحو الزراعة بعد دق ناقوس الخطر جراء الارتفاعات الكبيرة بأسعار المواد الغذائية فهل نستفيق قبل فوات الآوان …
الكنز -ميساء العلي