الملحق الثقافي: هفاف ميهوب:
الكلمةُ ضمير كاتبها، وهو ضميرٌ غير مستتر، بل متّصل بوعي قارئها.. هي صوته الناطق ببلاغة المعنى الذي يشير إليه، وصدق المبتغى المرفوع بأخلاقٍ تدلّ عليه.. هي دهشة القلمِ والنِعَم، في مفرداتها البارعة، باختراق ما وراء الضوءِ، تستحضره وتوقده، بالأفكار الدالة على قيمتها ومكانتها الساطعة..
إنه ما يَفرض على الكاتبِ الحقّ، أن يكتب بقلمٍ مداده الوفاء والصدق.. الوفاء لمهنتهِ وقارئه، والصدقُ النابع من إدراكهِ وحواسه وملكته.
إنه أيضاً، ما يجعل العلاقة وثيقة ما بين الكاتب والقارئ. الكاتب الذي يُفترض أن يستقطب كلّ ما في الحياة ويعني أبناء مجتمعه، والقارئ الذي عليه أن يتلقّى ما يمنحهُ إياه الكاتب، بطريقةٍ ماهرة وقادرة، على إيقاظ ما غفل عنه، أو حتى تجاهله.
نعم.. الكلمة ضميرُ الكاتب، والكاتب علامة رفعها، يُضمّ بأفكارِ وحياة ومعاناة القرّاء، فيتفحّصها ويخلّصها من شوائبها وتقلباتها وأهوائها.. يضيءُ بها العقول، فتذلّل كلّ ما يعترض القارئ من صعوبات، قد تتجاوز المعقول.
كلّ هذا، يحتاج إلى الالتزامِ بأخلاقِ الأقلام.. تلك التي تُعتبر الوسيلة الأقوى والأقدر، على رفعِ ضمير صاحبها، وضمّه بمسؤوليّته تجاه الوطن أولاً، ومن ثمَّ تجاه أبناء حقّه وحقيقته.. أيضاً، وتجاه رسالته التي عليها أن ترتقي وتبقى حرّة إلا من واجبها المقدَّس، ذاك القادر على تحويل الحياة، إلى أجمل وأنقى وأرقى وأشرف.
يدفعنا هذا الواجب، لأن نبارك الكاتب الذي يُجيد رفع ضمير كلمته، ولأن نحكم على من لا يجيدُ إلا جرّها وإهانة مكانتها وقَدرها، بالعبدِ المُستعبد، الذي لا تؤلمهُ أغلاله، لطالما أسقط كلّ الضمائر، وجُرَّ بأناهُ ومصلحته..
هكذا كاتب، تلفظه الحياة التي تحتاج إلى من يضيء قلبها، بالعقل والوعي الإنساني، لا إلى من يسعى لإخمادِ هذا الضوء، بالجهلِ المنقادُ والمُستلب والغائر في إرثِ فكرهِ الخشبي – الأزلي..
mayhoubh@gmail.com
التاريخ: الثلاثاء10-8-2021
رقم العدد :1058