الثورة أون لاين – راغب العطيه:
في علم السياسة تقوم الأوطان على ثلاثة أركان، هي الشعب والأرض والسلطة السياسية، وكلمة أوطان هنا نقصد بها الدولة، ممثلة بمواطنيها ومؤسساتها وأرضها وشخصيتها الاعتبارية التي تجعلها عضواً في المجتمع الدولي لها حقوق وعليها واجبات والتزامات يحكمها القانون الدولي.
وبعيداً عن المحددات القانونية والتنظيمية لقيام الدولة وأشكال النظم السياسية القائمة في عالم اليوم، نقول: إن الشعب هو الركن المؤسس للركنين الآخرين والحافظ لهما، فتقع على عاتقه مسؤوليات كبيرة وكثيرة، تبدأ من علاقته بالأرض التي يولد فيها ويعيش عليها ويأكل من خيراتها وثمراتها الناتجة عن عمله وفعله المنتج لهذه الخيرات، والتي تتطور مع الزمن فتصبح علاقة حب لا تنفصم عراها، وتورثها الشعوب للأجيال اللاحقة جيلا بعد جيل.
ولا تنتهي علاقة الشعب بالأرض عند الدفاع عنها في وجه الأخطار والمعتدين، بل تتعدى ذلك إلى تنظيم حياة المجتمع ككل، أفرادا وجماعات، من خلال صوغ القوانين والأنظمة التي تقوم عليها مؤسسات الدولة ونظامها السياسي الذي يحكم عمل هذه المؤسسات ويديرها، وبالتالي فالشعب هو الذي يعطي الشرعية للسلطة السياسية الركن الثالث لقيام الدولة، لتقوم بدورها بإدارة هذه الدولة بما يحقق الاستقرار والتطور والازدهار والرفاهية لمواطنيها الذين يشكلون مجتمعين الشعب.
ولأن الشرعية المنبثقة عن الشعب هي الفيصل في تحديد شرعية الدولة كوطن ومؤسسات ونظام سياسي، فقد أكد السيد الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم أهمية هذه الشرعية في مواجهة الإرهاب بكل تصنيفاته وأشكاله وداعميه من واشنطن الى أنقرة إلى الكيان الصهيوني مرورا بالحكومات الأوروبية التي تحن إلى ماضيها الاستعماري الأسود.
ولأن الشعب السوري هو الأس والأساس في المعركة العسكرية والسياسية التي تخوضها سورية بمواجهة الحرب الإرهابية العدوانية المفروضة عليها منذ أكثر من عشر سنوات، فقد وقف السوريون منذ اليوم الأول في الوطن والمغترب متسلحين بوحدتهم الوطنية ووعيهم للمشاريع الطائفية والعرقية دفاعاً عن وحدة سورية أرضا وشعبا ومؤسسات.
ففي الميادين وساحات القتال ضد التنظيمات الإرهابية قاتل الجيش العربي السوري الذي هو جيش الشعب السوري وأبنائه، قتال الأبطال وقدم التضحيات الجسام من أجل أن يبقى الوطن مصانا وسيدا لنفسه وقراره، مطهرا العديد من المدن والقرى من رجس الإرهاب التكفيري المتطرف، ومازال على أهبة الاستعداد واضعا اليد على الزناد لاستكمال تحرير بقية الأرض السورية من التنظيمات الإرهابية والانفصالية وكل احتلال خارجي.
وفي المعركة السياسية أكد الشعب السوري على الدوام أن مستقبل سورية هو حق حصري له ولا يحق لأحد غيره التدخل به، وان الدستور أولوية غير خاضعة للنقاش أو المساومات، وتمسك بكل عزيمة وإرادة لتنفيذ الاستحقاق الرئاسي في موعده دون تأخير، وقد كان التفاعل الشعبي الكبير مع الانتخابات الرئاسية هو سيد الموقف بالرغم من قسوة الظروف التي تمر بها البلاد، بسبب استمرارية الحرب الإرهابية والإجراءات القسرية أحادية الجانب وقانون “قيصر” الأميركي، وبعث بأقوى رسالة للقاصي والداني يوم الاقتراع عندما قال بصوت واحد نعم لحامي سورية نعم للرئيس الأسد.
وقد حول الشعب السوري الانتخابات الرئاسية من إجراء دستوري إلى عمل سياسي وطني كبير، زعزع ونسف أخطر الطروحات والمشاريع التي دأب عليها الأعداء منذ الأسابيع الأولى للحرب، مانحاً بمشاركته الواسعة في هذه الانتخابات والتي أبهرت الجميع شرعية شعبية للدولة وللقائد، ومسفها في الوقت نفسه كل التصريحات التي صدرت عن المسؤولين الغربيين حول شرعية الدولة وشرعية الدستور.

السابق
التالي