الثورة أون لاين – لميس علي:
(هناك قوة بحاجة إلى الآخرين، وليس الضعف)
يتم تمرير العبارة السابقة في أحد الأفلام الأجنبية..
ويبدو أنها ظاهرياً تحرّف المتعارف عليه، والمُدرك مسبقاً لدي أي منّا..
فهل فعلياً نحن بحاجة للآخرين في لحظات قوتنا..؟!
إذاً ماذا عن لحظات ضعفنا وهشاشتنا..؟!
من الممكن جداً أن تكون غاية العبارة سائرة صوب الحدّ من هدير القوة ومضاعفاته على الشخص ذاته، أي صاحبها.. المُدرك لتميّزه في اختصاصه وعمله.. نقطة القوة التي قد تنقلب إلى نقيضها.
وكأن ما يحصل أحياناً معنا، ويزلزل ميزان وجودنا.. ليس سوى إيماء لأن المبالغة بقوتنا تتحول ضعفاً، دون أن نعي الأمر.. ما يجعل تلك القوة تطبّق أثقالها علينا قبل الآخرين.. فيتحول الصراع من فعل خارجي إلى داخلي، بيننا وبين أنفسنا..
لكن ما الذي يدفعنا إلى تمثّل كل تلك المظاهر من القوة، ولو أبطنت ضعفاً..؟!
إنها الرغبة في القوة.. أو على رأي نيتشه إرادة القوة، يقول: “يريد الكائن الحي أن يطلق العنان لقوته. إن الحياة نفسها هي إرادة القوة، أما الحفاظ على النفس فليس سوى إحدى النتائج العرضية النادرة لهذا الأمر”.
في أوقات كثيرة، يكون الحدّ الفاصل بين الشيء ونقيضه واهياً جداً..
وكأنما تتماهى الحدود وتُلغى كل الفروقات..
وبينما نسير صوب تحقيق غاياتنا في الازدهار، عن طريق قوانا العديدة، يحصل أن نتعثر لأننا نُخطئ في طريق التغلب على “الذات”، وهو ما يحدث مع بعضنا.. حين يدرك حقيقة قوته وتميّزه.. والذي بسبب من هذه القوة، لربما تملّكه شيء من الغرور والتباهي حتى يغرق نفسه بكل موجبات الهلاك..
بالنسبة لنيتشه، يمتدح ما أطلق عليه (تسامي إرادة القوة) وتحوّلها إلى نشاط إبداعي..
وهو ما يجعلنا نصل لخلاصة: كل إبداع قوة.. من خلاله يتم تشذيب طاقات المرء وقواه.. وإظهارها بأبهى هيئات القوة الناعمة.
في معظم الأوقات، تُبطن إرادة القوة إرادة السلطة.. وأحد أهم أشكالها، كما يرى نيتشه، يتمثل بالتغلب على الذات.. وذلك من خلال تسخير كل مظاهر القوة وإرادتها لتحقيق التحول الذاتي..
لدى تأمّل واقع الحال، بمقياس إحداثيات (الآن وهنا).. ربما يصيبنا الذهول لدى اكتشافنا مواطن وبواطن قوة داخلية لم نكن لندرك يوماً امتلاكنا لها..
وإن لا.. ما معنى كل تلك الصراعات التي نخوضها، ظاهرياً ومعنوياً، بالسر أو بالعلن، مع أنفسنا لنثبت على الدوام ثباتنا.. قوتنا.. تميزنا، حتى لو كان فقط بعين أنفسنا..؟
وكأننا بحاجة إلى ميزان في استخدام قوتنا..
فلا كامل الإفراط بإرادتها.. ولا منتهى الإغراق بعدمها ضعفاً.