لطالما رفعت الولايات المتحدة الأميركية شعار حقوق الإنسان للضغط على دول كثيرة ومحاصرتها ومعاقبتها وتشويه سمعتها، دون أن تخضع نفسها لمرة واحدة لمعايير هذا الشعار وتطبيقاته العملية مع مواطنيها وعلى أراضيها، حيث لا تزال روائح العنصرية المتمادية ضد المواطنين الأميركيين الملونين تزكم الأنوف، وقضية جورج فلويد خير مثال على ذلك، أما سقوط المدنيين الأفغان من الطائرات الأميركية أثناء عمليات الإجلاء الفوضوية فيشكل وصمة عار على جبين واشنطن ودليلاً إضافياً على سقوط شعاراتها البراقة.
اليوم يأتي وباء كوفيد 19 ليعري حقيقتها ويفضح استهتارها بأرواح مواطنيها، إذ تملك أميركا أعلى معدلات الإصابة والوفيات عالمياً رغم تقدّمها العلمي والصحي، ويرى الكثيرون أن النزعة القائمة على المصالح الرأسمالية تشكّل أولوية بالنسبة لشركاتها الجشعة، حيث أعلنت إدارة بايدن نهاية عمليات الإغلاق الاقتصادي والتباعد الاجتماعي وارتداء الأقنعة رغم التفشي السريع لمتحورات كوفيد، والأسوأ من ذلك أنها أنهت المساعدة الحكومية للعاطلين عن العمل والمساعدة الايجارية للأسر، ويتم إجبار العاملين على العودة إلى أماكن عملهم رغم المخاطر المترتبة على ذلك، إضافة إلى فتح المدارس في إنكار تام للنصائح العلمية الوبائية الداعية للوقاية والمحافظة على العزل.
أما الصين المتهمة زوراً من قبل واشنطن بالإساءة لحقوق الإنسان واستهتارها بها، فقد طبّقت عمليات إغلاق صارمة وفرضت قيود سفر واختبارات واسعة النطاق لتتبع مسار العدوى، كما فرضت ارتداء الأقنعة في الأماكن العامة وقامت بحملات التطعيم الجماعي والمجاني، ووفرت الموارد العامة اللازمة لتمكين الامتثال لكلّ هذه الإجراءات، مؤكدة أن الأولوية لديها هي للصحة العامة وليس للمصالح التجارية..، ثم يأتي من يجادل بأن أميركا حامية حقوق الإنسان والمدافع الشرس عنها في كلّ العالم، مغمضاً عينيه عن كلّ هذه الحقائق والدلائل الدامغة..!
البقعة الساخنة- عبد الحليم سعود