ملف اقتصادي كان حتى وقت قريب معقداً جداً، والحديث عنه متعب جداً، والدخول في دهاليزه وتفاصيله مرهق جداً .. ومكلف ومزعج جداً… أما اليوم “وتحديداً منذ ما يقارب الخمسة أشهر وحتى يومنا هذا” فقد أصبح الحديث عن المديرية العامة للجمارك مختلفاً، وأسلوب التعاطي مع حملة مكافحة التهريب والفساد مغاير تماماً لكل ما كان عليه الحال سابقاً “الداخل مفقود .. والخارج مولود”.
ما جرى، وصفه البعض بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر الفاسدين “من داخل أسوار المديرية وخارجها”، وقال عنه البعض إنه ساهم وبشكل كبير في مضاعفة نسب الخوف والهلع عند القلقين والمتورطين ودفعتهم للعد إلى المليون، في حين أكد فريق ثالث أن ما حدث في المديرية العامة للجمارك تحت بند الحملة الوطنية لمكافحة الفساد الذي تقوده الدولة السورية على جميع الأصعدة ومختلف المستويات كان فعالاً، والتي لولاها “الحملة” لما تم القبض على الذين تورطوا “بالجرم المشهود” وإدخالهم السجون ووضع ملفاتهم بيد الأجهزة القضائية المختصة ومحاكمتهم محاكمة عادلة “جزاء ما اقترفته أيديهم”، ولما تم تسريح كل من ثبت بالدليل القاطع والبينة الواضحة إهماله دون فساده، وإخراجه من وظيفته إلى غير رجعة وتصفية حقوقه.
كل ما سبق لا يعني على الإطلاق أن حملة مكافحة الفساد والتهريب على حد سواء قد شارفت على الانتهاء، أو أن الطريق الذي تسلكه المديرية منذ عدة أشهر بات قصيراً أو معبداً أو مفروشاً بالورد، لا على العكس، فالطريق مازال طويلاً وصولاً إلى تحقيق شعار “سورية بلد خال من المهربات والتهريب” بشكل علمي وعملي مدروس لا مسلوق ومتسرع أو إعلاني ودعائي، كما حاول البعض إطلاقه وتصوريه والترويج له … فمكافحة الفساد من جهة ومكافحة التهريب من جهة أخرى لا تتم ولن يكتب لها النجاح ـ وفقاً لمنطق الجادين والعمليين ـ بكبسة زر، وإنما بدعم حكومي ” لا سقف له”، وبتعاون مؤسسات الدولة المعنية وتعاملها الحازم والحاسم في ضرب الفساد أينما كان .. ومن دون تردد.
الكنز- عامر ياغي