يأتي الدخول في فلسفة وعالم البحث العلمي على المستوى الوطني في سورية، كحالة تحتاج أساساً إلى البحث، ومن الواضح فإن ركوب ناصية البحث العلمي ليس بالقرار الصغير أو البسيط.
إذ من خلال التعمق في قصة البحث العلمي الذي يدخل في غمار المنافسة المباشرة مع شركات الإنتاج والتطوير العالمية التي تفرد أبحاثها في بلادنا عبر منتجات ملموسة في كل المجالات، من دون البقاء في البوتقة النظرية بالمطلق كما هو قائم لدينا،
من أساس الفكرة السابقة ندخل إلى الحاجة والجدوى المحلية ” للبحث والتطوير العلمي”.. ولو أخذنا على سبيل المثال قصة البحث والتطوير في شركات الأدوية بالقول: أيهما أرخص وأجدى لشركات إنتاج وتعبئة الأدوية في سورية الدخول في تطوير المواد الفعالة المستوردة من الخارج عبر الإنفاق على البحث العلمي أم استيراد المواد الفعالة الجاهزة من الخارج؟.
الدخول في العمق هنا يهيئ للسؤال: هل مسموح لنا كسوق أدوية هو جزء من السوق العالمية أن تقوم صناعة بحث وتطوير علمي في صناعة الأدوية ؟!! وهل الجدوى والإرادة المحلية تؤهلنا لأن نقوم بذلك؟ يأتي الجواب على ما سبق في الأسباب والنتائج كمدخل رئيسي عملي إلى عالم البحث العلمي.
في مناسبة الحديث وفي سياقه .. ومن أروقة المؤتمر الذي نظمته الهيئة العليا للبحث العلمي مؤخراً للباحثين والعلماء السوريين في الوطن والمغترب وبفكرة مزدوجة تجمع بين الحضور الفيزيائي المباشر والمشاركة الافتراضية عبر تقنيات التواصل عن بعد
اللافت موضوعياً كان في هذا المؤتمر:
نوعية وعمق البحوث العلمية السورية المنجزة المقدمة لباحثين سوريين في الخارج في الطب والصيدلة وفي اتجاهات علمية متنوعة.
والبحوث العلمية المقدمة لباحثين سوريين “على رأس عملهم في الدولة” سواء في الزراعة والصناعة واتجاهات علمية واقتصادية شتى.
هنا.. من الضرورة تكريس حالة أن الهيئة العليا للبحث العلمي هي وعاء وطني مهم للمؤسسات البحثية وللباحثين السوريين، وهي في موقع ضابط الإيقاع لهذا العمل الكبير.
إضافة لذلك هناك الكثير من الجدال حول أهمية وجدوى الكثير من الأبحاث والتقانات ومدى تطبيقها عملياً، ومؤخراً دار جدال كبير في بعض أماكن العمل التنفيذي حول أهمية تقانة “النانو” وتطبيقاتها في مجال الطاقة، وقد وصل الأمر إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش.
من هذه الحال فإن الهيئة العليا للبحث العلمي مرشحة لأن تكون مشاوراً علمياً قديراً للحكومة بكل وزاراتها وهيئاتها ومؤسساتها، في القضايا العلمية أسوة بكافة الهيئات التي تلعب هذا الدور في كافة مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية .
امتلاك سورية لمؤسسات بحثية متخصصة إضافة إلى الجامعات السورية كبيوت بحثية كبيرة في كافة المجالات العلمية، وبالتالي وجود بنى تحتية بحثية مهمة تعمل فيها عقول سورية مهولة، وأبحاثها يمكن أن تفعل شيئاً للجهات التابعة لها ولجهات أخرى تحتاج هذا العمل.
لكن يبدو أن الهوة بين البحث والتطبيق فيها الكثير من المخاطرة حول الجدوى والأهمية للمنتج المولود من رحم بحث علمي وطني، وبين المنتج المستورد من الخارج حتى ولو كان “ستوكاً”.
أذكر وتذكرون أن إحدى الشركات الخاصة السورية أنتجت منفسة بعد الحاجة لها بعد ” كورونا”، وسواء كانت ذات جدوى أو لا فهي مبادرة مهمة تستحق التقدير وقس على ذلك الكثير.
على الملأ – مرشد ملوك