إنها فصول الفوضى الهدامة، التي سماها منظرو السياسة الأميركية يوماً (الفوضى الخلاقة) والتي عملوا على تطبيقها في كل منطقتنا، بل في العالم كله، فكانت الفوضى الهدامة في العراق، التي مهدت لتفتيته على أسس عرقية وطائفية، ودمرت اقتصاده ومؤسساته، وشردت أبناءه، وقتلت مئات الألوف منهم.
وكانت الفوضى الهدامة (الخلاقة) في أفغانستان التي أعادتها إلى القرون الوسطى، وحرمت أهلها من أبسط حقوقهم، وقتلت أطفالهم وشيوخهم ونساءهم بدم بارد، وتحت شعارات محاربة الإرهاب، وباسم الخطأ غير المقصود، وغيرها من العناوين الأميركية الباهتة.
وكانت هي ذاتها الفوضى اللعينة في ليبيا التي قسمتها ونشرت الإرهاب في طولها وعرضها باسم تحرير الشعب الليبي من حكومته، وكانت القصة ذاتها في اليمن ولبنان وغيرها من بلدان منطقتنا، وكانت في دول الطوق الروسي التي شهدت أزمات طاحنة باسم (الثورات الملونة والثورات البرتقالية).
وكانت هي ذاتها الفوضى الهدامة القاتلة في سورية، التي أرادتها أميركاً عاملاً لتقسيمها وتفتيتها وإعادة رسم خارطتها بما يخدم أهداف واشنطن الاستعمارية وأجندات الكيان الإسرائيلي معها، وأرادتها عاملاً لتهجير شعبنا في أصقاع الأرض وإضعاف جيشنا واقتصادنا، وعاملاً لإخراج سورية من معادلة الصراع في المنطقة.
واليوم نرى آثار تلك الفوضى الهدامة في أبشع صورها في الجزيرة السورية، حيث تمعن قوات الاحتلالين الأميركي والتركي وأداتهما الانفصالية “قسد” في جرائمها ضد أهلنا، ونشر تلك الفوضى لتحقيق الغايات الخبيثة المذكورة.
فنسب الجريمة ومظاهر الفلتان الأمني والفوضى في مناطق سيطرة تلك الميليشيا المرتبطة بالاحتلال الأمريكي باتت في ذروتها، وأعمال السرقة والسلب والسطو المسلح وجرائم القتل والتمثيل بالجثث ورميها في الأماكن المهجورة باتت هاجساً يؤرق أهلنا هناك، لتظهر للعالم كله حقيقة الفوضى الهدامة أو (الخلاقة) كما سمتها واشنطن يوماً، وليظهر للقاصي والداني حقيقة أميركا البشعة وأخلاقها السياسية التي تجلب الخراب والقتل والدمار للآخرين من أجل تحقيق مصالح حفنة من القتلة من أصحاب رؤوس الأموال وشركات السلاح في الولايات المتحدة.
نبض الحدث -بقلم مدير التحرير أحمد حمادة