الثورة أون لاين:
تمر هذه الايام ذكرى وفاة الشاعر اليمني عبد الله البردوني , الشاعر اليمني الضرير , الذي كان يبصر بعقله وقلبه وروحه وكأنه يقرأ سطور القادم تماما , من قصيدته الشهيرة في مهرجان الموصل (أبو تمام ) ومن ثم الانطلاقة المدوية التي حققها إلى كل ما في شعره وأعماله , ثمة عمق وأصالة وتجذر بالأرض والانسان , أينما قرأت في أعماله فستجد الرؤى التي تمشي أمامك تماما , البردوني البصير عقلا , وروحا , قرأ ما كان يخبأ لليمن وكأنه كان الشاهد عليه وها هو اليمن أمامنا صفحات مفتوحة.
محطات
عبد الله صالح حسن الشحف البَرَدُّوْنِي (1929 – 30 اب 1999) شاعر وناقد أدبي ومؤرخ ومدرس يمني تناولت مؤلفاته تاريخ الشعر القديم والحديث في اليمن ومواضيع سياسية متعلقة ببلده أبرزها الصراع بين النظام الجمهوري والملكي الذي أطيح به في ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962 وغلب على قصائده الرومانسية القومية والميل إلى السخرية والرثاء وكان أسلوب ونمطية شعره تميل إلى الحداثة عكس الشعراء القبليين في اليمن.
ولد البردوني عام 1929كما تقول الموسوعة الحرة في قرية البرَدُّون في محافظة ذمار وأصيب بالجدري الذي أدى إلى فقدانه بصره وهو في الخامسة من عمره، ولُقب على أثر ذلك بمعرّي اليمن نسبة إلى الشاعر الأعمى أبي العلاء المعري تلقى تعليمه الأولي فيها قبل أن ينتقل مع أسرته إلى مدينة ذمار ويلتحق بالمدرسة الشمسية الزيدية المذهب. بدأ اهتمامه بالشعر والأدب وهو في الثالثة عشرة ودأب على حفظ ما يقع بين يديه من قصائد وانتقل إلى صنعاء في أواسط العشرينات من عمره ونال جائزة التفوق اللغوي من دار العلوم الشرعية.. أدخل السجن في عهد الإمام أحمد بن يحيى لمساندته ثورة الدستور عام 1948.
أعماله الشعرية
أصدر 12 ديواناً شعرياً من 1961 – 1994، نال فيها عدة جوائز منها جائزة شوقي للشعر في القاهرة عام 1981، وجائزة السلطان العويس في الإمارات عام 1993، وجائزة أبي تمام في الموصل عام 1971، وجائزة اليونسكو التي أصدرت عملة فضية عليها صورته عام 1982.
من أرض بلقيس.
في طريق الفجر.
مدينة الغد.
لعيني أم بلقيس.
السفر إلى الأيام الخضر.
وجوه دخانية في مرايا الليل.
زمان بلا نوعية.
ترجمة رملية لأعراس الغبار.
كائنات الشوق الآخر.
رواغ المصابيح.
جواب العصور.
رجعة الحكيم بن زائد.
ومن مؤلفاته الفكرية
رحلة في الشعر اليمني قديمه وحديثه.
قضايا يمنية.
فنون الأدب الشعبي في اليمن.
اليمن الجمهوري.
الثقافة الشعبية تجارب وأقاويل يمنية.
الثقافة والثورة.
من أول قصيدة إلى آخر طلقة، دراسة في شعر الزبيري وحياته.
أشتات.
اللافت هذه الرؤى التي تتجسد الآن في شعره , ولاسيما قصيدته الغزو من الداخل يقول البردوني :
فظيع جهـل مـا يجـري وأفظـع منـه أن تـدري.. وهل تدريـن يـا صنعـاء مـن المستعمـر السـري
غــزاة لا أشـاهـدهـم وسيف الغزو في صـدري.. فقـد يأتـون تبغـا فــي سجائـر لونهـا يـغـري
وفـي صدقـات وحـشـي يؤنسن وجهـه الصخـري.. وفي أهـداب أنثـى فـي مناديـل الهـوى القهـري
وفـي ســروال أسـتـاذ وتحـت عمامـة المقـري.. وفي أقراص منـع الحمـل وفـي أنبـوبـة الحـبـر
وفـي حـريـة الغثـيـان وفـي عبثـيـة العـمـر.. وفي عَود احتـلال الأمـس فـي تشكيـلـه العـصـر
وفـي قنينـة الوسـكـي وفـي قـارورة العـطـر.. ويستخفـون فـي جلـدي وينسلـون مـن شعـري
وفـوق وجوههـم وجهـي ونحـت خيولهـم ظهـري.. غـزاة اليـوم كالطاعـون يخفـى وهـو يستشـري
لقـد عـادت مـن الآتـي إلـى تاريخهـا الوثـنـي.. فظيع جهـل مـا يجـري وأفظع منـه أن تـدري
شعاري اليوم يـا مـولاي نحـن نبـات إخصـابـك.. لأن غـنــاك أركـعـنـا علـى أقــدام أحبـابـك
فألًهنـاك قلـن : الشمـس مـن أقبـاس أحسـابـك.. فنم يا بابـك الخرمـي على بلقيس يا بابك
ذوائبهـا سريـر هــواك وبعـض ذيـول أربـابـك.. وبـسـم الله جـــل الله نحسـو كـأس أنخـابـك
أمير النفـط نحـن يـداك نـحـن أحــد أنيـابـك.. ونحـن القـادة العطشـى إلـى فضـلات أكـوابـك
ومسؤولون في صنعاء وفراشـون فــي بـابـك.. ومـن دمنـا علـى دمنـا تموقـع جيـش إرهابـك
لقد جئنـا نجـر الشعـب فـي أعـتـاب أعتـابـك.. ونأتـي كـل مـا تهـوى نمسـح نـعـل حجـابـك
ونستـجـديـك ألـقـابـا نتـوجـهـا بألـقـابـك.. فمرنـا كيفمـا شــاءت نوايـا لـيـل سـردابـك
نعـم يـا سيـد الأذنـاب إنــا خـيـر أذنـابــك.. فظيع جهـل مـا يجـري وأفظـع مـنـه أن تـدري.