الثورة أون لاين – ترجمة غادة سلامة:
لم يحدث من قبل في تاريخ جمهورية ألمانيا الاتحادية أن كانت استطلاعات الرأي سيئة للغاية بالنسبة لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) الحاكم، فقد كان هذا الحزب بقيادة أنجيلا ميركل يتصدر استطلاعات الرأي بنسبة ثمانية وثلاثين في المائة.
الآن، واعتماداً على معهد الاقتراع، انخفضت شعبية الحزب إلى ما بين 21 و 24 بالمائة، وأحد أسباب تراجع شعبية الحزب هو أنه يتنافس مع مرشح ضعيف جداً لمنصب المستشار.
لقد فشل أرمين لاشيت، رئيس وزراء الولاية الأكثر اكتظاظاً بالسكان حالياً في ألمانيا “شمال الراين – وستفاليا”، بتعزيز شعبية الحزب بين جمهور الناخبين.
قبل كل شيء، يبدو أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي من يسار الوسط (SPD) ينجح في خداع الناخبين إلى حد لا مثيل له في تاريخ الجمهورية الفيدرالية، فقد اكتسب نحو عشر نقاط مئوية في استطلاعات الرأي الأخيرة، ويرجع الفضل في ذلك بشكل أساسي إلى مرشحه الأول، أولاف شولتز، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه “معتدل” نسبيًا.
ومع ذلك، لم يحظَ شولز بشعبية داخل حزبه في السنوات الأخيرة، حيث تحرك الحزب أكثر فأكثر إلى أقصى اليسار، وقد انتخبت ساسكيا إسكين ونوربرت فالتر- بورجانس كقادة مشاركين وكيفين كونرت نائباً للزعيم، وقد تبنى هؤلاء السياسيون الثلاثة مواقف يسارية، على سبيل المثال، عند انتخاب قادة حزبهم، حيث قرر أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي الوقوف صراحةً لصالح هؤلاء المرشحين اليساريين المتطرفين وضد أولاف شولتز، ومع ذلك قام الحزب بتعيين شولتز “المعتدل” كمرشح رئيسي له، إلا أن الألمان يأملون في استخدام شولتز لتعبئة الناخبين المعتدلين، وتشير الاستطلاعات الرئيسية في الوقت الحالي إلى تحالف بين الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر البيئي وحزب دي لينك اليساري.
فقبل بضع سنوات فقط، كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي يستبعد دائماً الائتلافات مع حزب دي لينك على المستوى الفيدرالي لأن حزب اليسار المتشدد كان راديكالياً للغاية.
حزب (دي لينك) هو أحدث تكرار لحزب SED الشيوعي السابق الذي حكم ألمانيا الشرقية، بعد أن غير اسمه عدة مرات منذ إعادة توحيد ألمانيا، ويلتزم ببرنامج شامل للتأميم، ومعدل ضريبة أعلى يبلغ 75٪ ، والانسحاب من الناتو، أما حزب الخضر اليساري فهو يريد التركيز على حماية البيئة ومكافحة تغير المناخ، وهو يدعم العديد من وسائل الإعلام الألمانية، وينتهج الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر الآن سياسة لا يمكن وصفها إلا بخداع الناخبين، فهم حريصون أيضاً على عدم التصريح علانية بأهدافهم الحقيقية لأنهم يعلمون أن ذلك سيفقدهم الآلاف، إن لم يكن الملايين من الأصوات.
تحالف هذه الأحزاب الثلاثة سيغير ألمانيا بشكل جذري، إنهم جميعاً ملتزمون بخفض الإنفاق الدفاعي الألماني، على الرغم من حقيقة أنه منخفض بالفعل مقارنة بأعضاء الناتو الآخرين، إن ما بدأته أنجيلا ميركل بالفعل، أي تحول اقتصاد السوق الألماني إلى اقتصاد مخطط، سوف يتم تسريعه مرة أخرى بشكل كبير من قبل هذه الأطراف الثلاثة.
في العاصمة برلين، حيث تحكم الأحزاب الثلاثة بالفعل، من الواضح ما قد يعنيه هذا بالنسبة للبلد ككل- الانتهاكات المتكررة للدستور الألماني على سبيل المثال، لقد أقرت الأحزاب الثلاثة في برلين قانوناً أجبر الملاكين على خفض الإيجارات بشكل كبير على عقود الإيجار الحالية.
في الواقع، ولم يمثل القانون أقل من مصادرة جزئية لأصحاب العقارات، بالرغم من إعلان أعلى محكمة في ألمانيا أن التشريع غير دستوري، لكن الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) وحزب دي لينك يريدان الآن تقديم قانون مشابه ينطبق على ألمانيا بأكملها، حيث تتعرض الحرية السياسية في برلين أيضاً لضغوط شديدة، لاسيما الحق في التظاهر، بينما تتم الموافقة بشكل عام على المظاهرات اليسارية، فعلى سبيل المثال فإن مظاهرات منتقدي سياسات الحكومة المتعلقة بفيروس كورونا، محظورة أو يتم تفريقها بقوة الشرطة الوحشية.
ما يحدث في برلين يقدم لمحة مسبقة عن كيفية تغير ألمانيا ككل إذا وصل الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزبا دي لينك والخضر إلى السلطة في ألمانيا، ففي 26 سبتمبر أيلول ستصوت ألمانيا – وقد تقود هذه الانتخابات إلى تغير جذري في المشهد السياسي في ألمانيا لسنوات عديدة مقبلة.
بقلم: راينر زيتلمان
