قضايا وعناوين وتحديات كثيرة، كانت القاسم المشترك في زيارتنا بالأمس لرئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور محمد الحوراني، ولكن ما استوقفني حقا ذاك الشغف في تحقيق حراك ثقافي فاعل في ظل تلك الظروف الحالية القاسية والتي اختلفت فيها الأولويات، حتى باتت الثقافة ربما ضرباً من الرفاهية.
والمشروع الأهم الذي يعمل الاتحاد على تفعيله هو إيصال الكتاب إلى المناطق النائية والأرياف البعيدة، عبر تفعيل المكتبات المتنقلة، وبوصلته في ذلك شعار (إذا لم يستطع القارىء الوصول إلى المكتبة، فلننتقل إليه).
وإن كان المشروع في بداياته، لكن يجب الإشارة إلى أهمية أن يكون مدروساً بعناية وفق برنامج منهجي يتضمن خطة في بنود أساسية تعتمد على دراسة ميدانية لأماكن التجمعات السكانية وأهم احتياجاتها، ومحاولة التشبيك مع المؤسسات التعليمية ومنظمات المجتمع الأهلي، لاستقطاب أكبر شريحة ممكنة من غير فئة عمرية، ومحاولة أن تكون المرأة والشباب هما الهدف والأداة في الآن نفسه.
أن نتوجه إلى المناطق النائية، هو مسؤولية المؤسسات الثقافية والاجتماعية وأيضاً المؤسسات الخدمية، وخصوصاً بعد حرب عدوانية قاسية دامت سنوات طويلة، خلفت وراءها دماراً في البنى التحتية، وحتى أنها طالت البشر في مصطلحاتهم وقيمهم وثقافتهم.
وربما هذه التجربة ليست حديثة العهد في بلادنا، بل مرت بمراحل من الازدهار، وأتت أكلها، وليس من الصعوبة أن نبث فيها الحياة من جديد، فالحاجة كبيرة لإعادة تحقيق التوازن المجتمعي بين الريف والمدينة، وغرس قيم الانتماء والتمسك بالأرض التي تقابل الروح عند الكثير من سكان الريف، لأن الأرض هي عنوان العزة والكرامة، ومن أجلها تراق دماء الشهداء النقية.
وندرك جميعاً أن خلف كل فكرة أو هواية أو شغف .. كتاب، يأخذ القارىء إلى حيث يجد ضالته بكل ما من شأنه أن ينهض بوعيه وثقافته، ويكرس ارتباطه بتراثه وأجداده الذين ما برحوا الأرض التي منحوها عصارة فكرهم ونقاء أرواحهم.
ومن الأهمية بمكان استثمار هذه المكتبات في دعم وتعزيز أواصر العلاقات الإنسانية، عبر الندوات والعروض السينمائية الهادفة، والجهود المخلصة لاشك .. تصنع فرقاً.
رؤية- فاتن أحمد دعبول