عن المدن التي تأكل الأطراف

ربما تكون المدينة، أي مدينة، أو يجب أن تكون الشكل العمراني والحضاري الأجمل الذي توصل إليه الإنسان بعد أن استقر وأسس القرى، ومن ثم فاضت بسكانها، وما تنتجه لتتحول مع الأيام إلى مدن لها أشكالها العمرانية وخصائصها التي تنمو كل ساعة، فتتحول إلى مدن صناعية أو تجارية، وما في القائمة من ألوان، أنواع المدن اليوم بعد ثورة التقنيات، ( معرفية، طبية، علمية تقنية، إلخ ).

وعلى العموم يبدو أن المدينة أي مدينة دائماً تصدر كل ما فيها من إنتاج مادي وحتى عادات وتقاليد، وينظر أبناؤها إلى الأطراف المحيطة بها، نعني الأرياف نظرة ليست ودية، مع أن الكثيرين من أبناء المدن هم من الأطراف، لكنها بوتقة الصهر التي تذيب الكثيرين وتعيد صهرهم ليكونوا كما هوية المدينة.

وإذا كانت المدينة تصدر الكثير من عاداتها وتقاليدها إلى الأرياف، فهي اليوم تزحف في الكثير من دول العالم إلى الأرياف وتتحول القرى إلى بلدات تكبر وتنمو لتكون أشبه بالمدن.

ولكن ماذا عنا نحن في سورية، هل المعادلة صحيحة تماماً ؟ بالتأكيد فيها قسم كبير من الصحة، ولكن المؤسف أن الكثير من جهود المؤسسات الحكومية ينصب على المدن دون الأرياف، وربما يصح أن نستذكر ما كتبه ذات يوم صحفي سوري، في صحيفة سورية، إذ قال: لو أن الحكومة تخصص للأرياف والقرى مقدار ما تخصصه لشارع أو ( زاروب ) في دمشق لتغيرت الكثير من الاحوال.

اليوم نحن في سورية، أحوج ما نكون إلى العمل الفوري والسريع ومع الخطط البعيدة والقريبة من أجل إعادة إنماء الريف ومتابعة شجونه وشؤونه، ولاسيما في الريف ربما كان يجب أن يتنبه إليها من ابتكر البطاقة الذكية ( خبز ومازوت وقضايا أخرى ) ما يمكن أن يكون جيداً في المدينة لايمكن أن يتطابق تماماً مع الريف .

وفي التعليم أيضاً، فهل يعقل مثلاً أن يكون معدل قبول الأول الثانوي في دمشق – مثلا 180 درجة _ وفي الريف 200 درجة _ نقول مثلاً، وهذا قد حصل، ولاسيما في ريف الساحل السوري، وهل يعقل كما عبر عن ذلك رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور محمد الحوراني: أن يكون جل النشاط الثقافي في المدن، ونهمل الأرياف، وهنا بيت القصيد: أليس علينا العمل بنشاط ثقافي تنويري وتربوي وتعليمي، يتوجه إلى الريف السوري، من أقصى الشمال، إلى الجنوب والشرق والغرب، حان الوقت تماماً .

ولا تزال صرخة الشاعر عبد اللطيف ابراهيم أمام شكري القوتلي حين زار الساحل السوري ماثلة، إذ قال:

هذي الجبال أسوار عربية صدأت وأغفلت الشآم صقالها، نريد إزالة الصدأ أينما كان وكيفما كان، الريف أكلته المدن التي لا تعرف في الكثير منها إلا التجارة والصناعة، وهذا عصب الحياة، ولكن ثمة شرايين أخرى لا تقل أهمية عنها يجب أن يضخ فيها الدم قبل اليباس.

معاً على الطريق – ديب علي حسن

آخر الأخبار
ثلاث منظومات طاقة لآبار مياه الشرب بريف حماة الجنوبي الفن التشكيلي يعيد "روح المكان" لحمص بعد التحرير دراسة هندسية لترميم وتأهيل المواقع الأثرية بحمص الاقتصاد الإسلامي المعاصر في ندوة بدرعا سوريا توقّع اتفاقية استراتيجية مع "موانئ دبي العالمية" لتطوير ميناء طرطوس "صندوق الخدمة".. مبادرة محلية تعيد الحياة إلى المدن المتضررة شمال سوريا معرض الصناعات التجميلية.. إقبال وتسويق مباشر للمنتج السوري تحسين الواقع البيئي في جرمانا لكل طالب حقه الكامل.. التربية تناقش مع موجهيها آلية تصحيح الثانوية تعزيز الإصلاحات المالية.. خطوة نحو مواجهة أزمة السيولة تعزيز الشراكة التربوية مع بعثة الاتحاد الأوروبي لتطوير التعليم حرائق اللاذقية تلتهم عشرات آلاف الدونمات.. و"SAMS" تطلق استجابة طارئة بالتعاون مع شركائها تصحيح المسار خطوة البداية.. ذوو الإعاقة تحت مجهر سوق العمل الخاص "برداً وسلاماً".. من حمص لدعم الدفاع المدني والمتضررين من الحرائق تأهيل بئرين لمياه الشرب في المتاعية وإزالة 13 تعدياً باليادودة "سكر مسكنة".. بين أنقاض الحرب وشبهات الاستثمار "أهل الخير".. تنير شوارع خان أرنبة في القنيطرة  "امتحانات اللاذقية" تنهي تنتيج أولى المواد الامتحانية للتعليم الأساسي أكرم الأحمد: المغتربون ثروة سوريا المهاجر ومفتاح نهضتها جيل التكنولوجيا.. من يربّي أبناءنا اليوم؟