التطورات المتسارعة على الساحة الإقليمية والدولية، وما يرافقها من لقاءات واتصالات حثيثة لإعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة والعالم، تؤكد أن سورية قطعت شوطاً كبيراً في تثبيت دورها القوي والفاعل والمؤثر في مختلف القضايا الراهنة – عربياً وإقليمياً ودولياً- وهذا مرده لاعتبارات كثيرة: صمود الشعب السوري في مواجهة الحرب الإرهابية وتفرعاتها من حصار خانق وعقوبات جائرة وضغوط سياسية، والإنجازات الناجحة التي حققها الجيش العربي السوري بمساعدة الحلفاء ضد الإرهاب، وتأكيد حقيقة أنه القوة الوحيدة القادرة على مكافحة هذا الإرهاب، بالإضافة إلى صوابية الرؤية الحكيمة للقيادة السياسية، وتمسكها بالثوابت الوطنية والقومية التي تعتبر بالنسبة للسوريين خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه.
بعد عشر سنوات ونيف من الحرب الإرهابية، بدأت منظومة العدوان تدرك استحالة خضوع سورية لسياسة الضغوط والابتزاز، وبأن من يحاول عزل سورية إنما يعزل نفسه أولاً، ومن هنا نلاحظ التغيير الحاصل في الأجواء السياسية الدولية تجاه التعاطي مع الأزمة في سورية، والجنوح قسرياً نحو إيجاد مقاربة جديدة فرضتها المعادلات الميدانية والسياسية التي ترسخت على أرض الواقع، لاسيما بعدما عجزت الولايات المتحدة بقيادتها للحرب الإرهابية عن تحقيق أهدافها الإستراتيجية في المنطقة عبر البوابة السورية، ونلاحظ كيف تحاول العديد من الدول المنضوية تحت العباءة الأميركية إيجاد مخرج لائق يعيد علاقاتها مع سورية إلى وضعها السابق، ومن الأهمية أن نشير إلى أن سلسلة اللقاءات التي عقدها الوفد السوري على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك، قد كسرت طوق العزلة التي حاولت دول منظومة العدوان فرضها لزيادة مفاعيل الضغط والابتزاز السياسي على سورية.
بعض الأنظمة والأدوات الأميركية، لا تزال تراهن على عكاز الإرهاب لتحقيق أجنداتها وأطماعها التوسعية، ولا تريد قراءة المتغيرات الميدانية والسياسية الحاصلة، ولكنها سرعان ما ستجد نفسها مضطرة لإعادة حساباتها من جديد، كحال النظام التركي الذي سيجد نفسه أمام مأزق جديد بحال لم ينفذ التزاماته بموجب مخرجات “أستانا وسوتشي”، حيث الجيش العربي السوري سيلجأ لتنفيذ تلك المخرجات بالقوة بعدما استنفد اللص أردوغان الفرص والمهل الزمنية الممنوحة له، فاستعادة إدلب قرار لا رجعة فيه، وإعادة الدولة السورية بسط سيطرتها على كامل أراضيها أمر محتوم، والاحتلال الأميركي بات يعي هذه الحقيقة أكثر من ذي قبل، وميليشياته العميلة ” قسد” معنية بقراءة المصير الذي واجهته كل الأدوات الرخيصة التي استخدمها المحتل الأميركي، سواء في المنطقة أو في مناطق أخرى في العالم.
سورية بدأت اليوم تجني ثمار صمودها وانتصاراتها المنجزة ضد الإرهاب وداعميه، ولا شك بأن النجاحات السياسية والدبلوماسية التي تحققها توازي إنجازاتها العسكرية في الميدان، وجنوح العديد من الدول لإعادة ترتيب علاقاتها مع سورية سيؤسس لقاعدة انطلاق مبشرة على الصعيد الاقتصادي، وما يترتب على ذلك من تسريع عجلة الإنتاج، وزيادة وتيرة التعافي والنهوض، وبالتالي إنجاز نصرها الكامل، لتعود كسابق عهدها واحة للأمان والاستقرار، وتستعيد دورها القوي والفاعل على الساحة الدولية.
نبض الحدث بقلم أمين التحرير ناصر منذر