الثورة أون لاين – مها الداهوك:
مع الاحتدام المتواصل للتنافس السلطوي ما بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وبين مناصري كل منهما، تلوح في أفق السياسة الداخلية الأمريكية بوادر أزمة داخلية تعصف بالمجتمع الأمريكي والتي قد تنبىء باحتمال وقوع أعمال عنف وشغب قد تصل إلى انهيار السلطة الفيدرالية، وتقسيم البلاد إلى تكتلات حزبية متحاربة قد تتعاظم فيها صراعات الجمهوريين والديمقراطيين بشكل يودي بالولايات المتحدة نحو أكبر أزمة سياسية ودستورية لها منذ حربها الأهلية الأولى.
وقد بدأت ملامح هذه الأزمة تبرز إلى الواجهة في الداخل الأمريكي بالتزامن مع عمليات الاقتحام، و أعمال الشغب التي نفذها أتباع الرئيس السابق دونالد ترامب في الكونغرس والعديد من المؤسسات الحكومية الأمريكية مع بدايات هذا العام والتي أدت بحسب “الدوائر الفكرية الأمريكية” إلى تراجع في الديمقراطية الداخلية في أمريكا، يضاف إليها تحركات أعضاء الحزب الديمقراطي التي هدفت إلى تغيير قوانين الانتخابات في البلاد بعد تخوفهم من إمكانية عودة الرئيس ترامب لحكم الولايات المتحدة في الانتخابات الرئاسية القادمة، حيث اعتبرت هذه التحركات كنوع من التحركات المشبوهة التي تسعى إلى إفساد الديمقراطية السائدة بحسب زعمهم والتي تزيد من الهوة مابين الحزبين وأتباعهما.
انقسام الداخل الأميركي بشأن مستقبل البلاد، وتراجع ثقة أنصار الحزب الجمهوري أو الديمقراطي بالطرف المقابل وصلت بالجمهوريين من أتباع ترامب إلى تبني دعوات انفصالية من أجل انشقاق الولايات الحمر التابعة للحزب الجمهوري عن الاتحاد الفيدرالي في البلاد، ففي استطلاع للرأي أجراه “مركز السياسة في جامعة فرجينيا” أكد بأنّ أغلبية مؤيدي الرئيس السابق دونالد ترامب تدعم انشقاق “الولايات الحمر” (الولايات المؤيدة للجمهوريين) عن الاتحاد الفيدرالي، و أنّ 52% منهم يؤيدون إنشاء دولة منفصلة للجمهوريين، ويؤكدون بأنه بات من الواجب على المجتمع وقف الراديكاليين والأناس غير الأخلاقيين الذين “يحاولون تدمير البلاد” في إشارة منهم للديمقراطيين، كما أعربوا عن تأييدهم للرأي القائل إنّ أميركا تحتاج إلى “قائد قوي لتدمير التيارات الراديكالية وغير الأخلاقية” السائدة في المجتمع في إشارة إلى ضرورة أن يظل ترامب زعيماً لحزبهم، حيث يعتبر الجمهوريون بأن لديهم فرصة أفضل لاستعادة الرئاسة، إذا كان ترامب هو المرشّح.
أما عن إمكانية وصول ترامب مجدداً إلى البيت الأبيض فقد تفتح أبواب حرب أهلية أمريكية كبرى حيث يرفض الديمقراطيون بشكل قاطع عودته إلى سدة الرئاسة كونهم يشددون على أن سياسة ترامب الداخلية قد استنزفت الحريات والديمقراطيات السائدة في الولايات المتحدة، وقد تهدد تماسك المجتمع الأمريكي الداخلي.
كما يواجه كل من الجمهوريين والديمقراطيين أزمة ثقة في مدى نجاعة سياسات الطرف الآخر، حيث يعتبر 80% من مستطلعي كل حزب أنّ الطرف المقابل يمثّل “خطراً واضحاً في الحاضر على الديمقراطية الأميركية”.
فالشرخ الحاصل بين الحزبين والانقسام الشديد في المجتمع الأمريكي قد يودي ببلاد الديمقراطيات المزعومة إلى حرب أهلية وصراعات يتحاصص فيها الجمهوريون والديمقراطيون الولايات بما ينذر بتلاش تدريجي للولايات المتحدة كدولة اتحاد فيدرالي عظمى وبتفتت مجتمعها إلى تكتلات حزبية تتنازع فيما بينها.
وبالتزامن مع عودة مؤيدي ترامب إلى شوارع العاصمة واشنطن مجدداً للمطالبة بالعدالة للمتهمين في أحداث الكابيتول التي جرت العام الماضي حين خرج أنصار ترامب اعتراضاً منهم على خسارته الانتخابات بسبب التزوير الحاصل على حد تعبيرهم، هل ستستطيع سياسات بايدن امتصاص أزمة الشارع ومواجهتها بطريقة تمنع تناميها، وكيف يمكن أن يكون رد الديمقراطيين على هذه التحركات التي قد تعلن بداية حرب أهلية ثانية في البلاد؟، هذه السيناريوهات ستحسمها قادمات الأيام