الملحق الثقافي:عبدالحكيم مرزوق:
في رواية «مئة عام قبل الخاتم» للكاتبة والأديبة السورية «ريمة راعي». الرواية الصادرة عن «دار روافد للطباعة والنشر – مصر»، البطل ليس شخصاً عادياً، أو مألوف الوجود، في حكايةٍ تحكي عن الأقدار البشريّة، بل هو واحدٌ من المردة، الذين يعيشون في القماقمِ السحريّة النحاسيّة، وينتظرون أن تمسح يدٌ على القمقم، كي يخرجوا منه، ويبدؤوا بفعلِ الأعاجيب.
ثلاثٌ أمنياتٍ فقط، يحقّقها المارد لكلِّ بشريٍّ يمسح بيده على القمقم، ولا يمكن لماردٍ خرج من قمقمه أن يعود إليه، قبل أن يحقق أمنيات البشريّ الفاني.. هذه قوانين المردة والشرف الذين لا يتخلّون عنه، لمهنتهم الموغلة في القدم.
ماردُ هذه الحكاية، أضاع قمقمه، وهذا لا ينذر بطالعٍ حسنٍ بالنسبة إلى ماردٍ لا يتقن فعل شيءٍ سوى تحقيق الأمنيات، وأثناء رحلة البحث عن القمقم، تحدودبُ قامته المديدة، وتتجرّح قدماه، وتذبل عيناه، وسيتوقف الناس عن الهرب كما كانوا يفعلون حين يرونه مقبلاً نحوهم، بينما الأرض ترتج تحت قدميه، ولاحقاً سيستمعون إليه بإشفاق، بينما يحكي لهم عن قمقمه الضائع، وعن مئةٍ عامٍ أمضاها دون نوم، لأن المارد لا ينام إلا في قمقمه.
حكاية المارد تتغيّر لحظة يضع أحدهم في كفّه رغيف خبز، ويطلب منه أن يغرز أسنانه فيه، فتغلق بوابة الأعاجيب المسحورة، وتفتح بوابة أخرى، لا أعاجيب فيها ولا سحر؛ بوابة الجوع والبحثِ عن الخبز، والطوابير الطويلة، والضجيج، وحيث لا شيء يُمنح بالمجان.
كيف بإمكان صاحب نشأةٍ مضطربة، أن يكون مارداً يحيا بين البشر؟!.. كيف سيعيش؟!.. وأين؟!.. وماذا سيعمل؟!. وكيف سيستوعب قوانين البشر العجيبة التي على رأسها: أن كلّ ما يحبه ويعجبه سيقتله لاحقاً؟..
الإجابات تتوالى عبر فصول الرواية، التي تخبر نهايتها السعيدة أن البيت الوحيد الذي يمكن لماردٍ سابق أن يغفو فيه، بعد مئة عام من اليقظة، هو الحبّ، والحب فقط.
«إنها تعويذة الحب، الوعد بالخلاص، كما تخبرنا الحكايات ذات النهايات السعيدة»..
«ريمة راعي» كاتبة وصحفية سورية، عملت في عددٍ من وسائل الإعلام السورية واللبنانية، صدر لها مجموعتان قصصيتان: «وأخيراً ابتسم العالم» و»القمر لا يكتمل»، وثلاث روايات: «أحضان مالحة»، «بائعة الكلمات»، «نصف قطعة شوكولا».
التاريخ: الثلاثاء5-10-2021
رقم العدد :1066