الثورة أون لاين – دينا الحمد:
كثيرة هي الأطراف الدولية التي أدركت مخاطر تسييس ما يسمى الملف الكيميائي في سورية، منذ بدايات القيام بالمسرحيات الكيماوية وإصدار القرارات والبيانات التي تحاول تجريم الدولة السورية، ولذلك بادرت هذه الأطراف الدولية الفاعلة، وفي مقدمتها روسيا والصين ومن خلال عضويتهما الدائمة في مجلس الأمن الدولي وثقلهما في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، مراراً وتكراراً إلى دعوة منظمة الحظر لالتزام الحياد والموضوعية في عملها وآلية تعاطيها مع هذا الأمر.
لكن ذلك لم يمنع منظومة العدوان على سورية، بقيادة واشنطن وتنفيذ أدواتها، من الهجوم المعاكس على هذه الدعوات، فقامت غير مرة بالترويج لعنوان كاذب وهو عدم الامتثال المزعوم من قبل الحكومة السورية لقرارات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، والهدف من ذلك بالطبع هو محاولة إدانة سورية واتخاذ الأمر ذريعة للعدوان عليها، أو على الأقل فرض شروط منظومة العدوان وإملاءاتها عليها.
واليوم تعود الصين لتجدد دعوتها الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى التزام الحياد والموضوعية والاستقلالية فيما يتعلق بملف الكيميائي في سورية مؤكدة موقفها الثابت بأن الحوار والتعاون هما النهج الصحيح للتعامل مع هذا الملف، وليس التسييس والتضليل، مؤكدة ضرورة التزام الأمانة الفنية للمنظمة بالطبيعة الفنية وبروح الحياد والموضوعية والاستقلالية في أداء واجبها وتسهيل العودة إلى إطار اتفاقية الحظر المعروفة.
لا بل إن بكين اعتبرت أكثر من ذلك أن إنشاء ما يسمى بـ “فريق التحقيق وتحديد الهوية” التابع للمنظمة يتجاوز نطاق اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية ويتعارض مع تقليد الإجماع في منظمة الحظر وقد أعربت العديد من البلدان بما في ذلك الصين عن قلقها إزاء ذلك، معتبرة أن أساليب وإجراءات عمل هذا الفريق فشلت كذلك في تلبية متطلبات اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وملحقها بشأن التحقق، ولذلك فإن الصين -كما أكد مندوبها لدى المنظمة- تدعو الدول التي تشن حملاتها ضد سورية وهي الدول التي تمتلك أسلحة كيميائية إلى تدمير كل مخزونها في أقرب وقت ممكن.
هكذا إذاً تواصل منظومة العدوان تسييس ملف الكيميائي في سورية وتوجيه اتهامات لا أساس لها من الصحة عبر التشكيك بتعاون سورية وسعيها للتستر على ممارسات المجموعات الإرهابية التي استخدمت السلاح الكيميائي ضد المواطنين السوريين وضد الجيش العربي السوري متجاهلة جرائم “الخوذ البيضاء” و”النصرة” وأخواتهما من بقية التنظيمات الإرهابية التي أنتجت مسرحيات الكيماوي وفبركتها لاتهام الجيش العربي السوري بالقيام بها، وتتجاهل التقارير الروسية التي أكدت تزوير تقارير منظمة الحظر وتغيير مضامينها كما تريد الولايات المتحدة وأدواتها.
وهكذا نرى أن سورية وروسيا ورغم أنهما أثبتتا بالأدلة والوثائق أمام المنظمات الدولية المعنية بالأمر عدم وجود أدلة على استخدام القوات الحكومية السورية للسلاح الكيميائي، ورغم تقديمهما الأدلة عن تزوير تقارير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وتقارير خبرائها بشأن بعض الهجمات المزعومة بالسلاح الكيميائي، إلا أن هذه المنظومة ظلت تخترع الأكاذيب والمسرحيات وتدعي أن سورية لم تف بالتزاماتها.