الثورة أون لاين – فردوس دياب:
لم تكن حرب تشرين التحريرية، مجرد حرب عادية أو عابرة، تجاوزتها الأيام والسنون وطواها الزمن في غياهب الذاكرة، بل كانت و لا تزال وستبقى حرباً استثنائية بكل المقاييس والمعايير، فهي لم تكن حرباً من أجل استرجاع واستعادة الحقوق والأرض فقط، بل كانت حربا من أجل استعادة الأمل والثقة بالنفس، وتثبيت القيم والمبادئ التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا.
لقد كان من أبرز وأهم نتائج حرب تشرين والتي أضافت إلى النتائج والانتصارات العسكرية والسياسية الكبيرة بعداً خلاقاً ومميزا، أنها روت بذور قيمنا ومبادئنا العطشى التي غزاها التصحر واليباب من كل اتجاه، خصوصا بعد الانتكاسات والنكبات المتتالية التي أصابتنا كأمة في ذلك الوقت (نكبة فلسطين في العام 1948 ونكسة حزيران في العام 1967 )، والتي أحدثت شرخاً وانهيارا في كل القيم والمبادئ الوطنية والقومية التي نهلناها من صدور أمهاتنا.
لقد أيقظت حرب تشرين التحريرية الضمير العربي والفعل العربي من غيبوبته الطويلة وحركت مشاعر واحاسيس المواطن العربي من المحيط إلى الخليج، وصار الجميع يهتف “أمة عربية واحدة”، وتحول الحلم إلى حقيقة، حقيقة أننا قادرون على الانتصار واستعادة الحقوق والأرض والاحلام ، وقادرون على هزيمة العدو مهما كان قوياً ومدعوما من أعتى قوى الشر والطغيان.
إنها معركة البطولة والشرف التي نسجت أجمل وأحلى قصيدة للوطن وبحروف مدادها الإصرار والإرادة على النصر وتحقيق المستحيل واجتراح المعجزات.
بين اليوم والأمس ، لا تزال بطولات وقيم تشرين متواصلة حتى اللحظة، ولا تزال جذوته تشتعل فينا شموخاً وكبرياء وأكثر تصميما على الانتصار على كل الغزاة والمعتدين، فها هو الجيش العربي السوري يصل الأمس باليوم ويعيد كتابة التاريخ ببطولاته وتضحياته التي أدهشت العالم وجعلته يقف حائراً أمام هذا الإصرار على الدفاع عن الوطن والشعب والكرامة والسيادة.