الثورة أون لاين- ناصر منذر
تتزايد الدعوات الدولية لوجوب تصحيح مسار منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والعودة إلى دورها الطبيعي، وضرورة التزام الحياد والموضوعية والاستقلالية، والابتعاد عن تسييس عملها، وبالتأكيد فإن تحقيق هذا الأمر مرهون بتغيير الدول الغربية عقليتها الاستعمارية، وسياساتها العدوانية التخريبية والهدامة للعلاقات بين الدول، وتبقى مسألة تسييس ملف “الكيميائي” في سورية هي النموذج الصارخ لانتهاك تلك الدول المعايير المنصوص عليها في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.
بات واضحاً أن حملات الضغوط الغربية المتواصلة التي تقودها (أميركا وبريطانيا وفرنسا) ضد سورية بمجلس الأمن، والتشكيك بتعاونها مع “حظر الكيميائية”، أن هذه الدول لا تريد إخراج ملف ” الكيميائي” من دائرة ألاعيبها السياسية وأضاليلها الإعلامية، بقصد مواصلة سياسة الترهيب والابتزاز، وهي تسعى بذلك لتسميم الأجواء الدولية الإيجابية تجاه التغيير الحاصل في التعاطي مع سورية، والذي فرضه فشل المشروع الصهيو-أميركي، بفعل الإنجازات التي حققتها الدولة السورية على الإرهاب، وما أفرزته تلك الإنجازات والانتصارات من صفعات متتالية لنظام الأحادية القطبية الذي تقوده الولايات المتحدة.
التجاهل الأميركي والأوروبي المستمر لحقيقة تعاون سورية الكامل مع “حظر الكيميائية”، وتنفيذ الالتزامات المترتبة عليها بموجب انضمامها الطوعي للمنظمة، لا يفسره سوى حقيقة واحدة مطلقة تتمثل بمحاولة الدول الغربية التستر على جرائم التنظيمات الإرهابية، حيث كل الأدلة والوقائع على الأرض، تؤكد بشكل قاطع بأن الإرهابيين المدعومين من تلك الدول هم من استخدموا الأسلحة الكيميائية مرات عديدة، والكثير من التقارير أثبتت امتلاكهم مثل تلك الأسلحة، التي زودتهم بها أميركا وتركيا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول الراعية لهم، وسبق للحكومتين السورية والروسية أن قدمتا كمّاً كبيراً من المعلومات والأدلة والبراهين التي تثبت صحة ذلك، ولكن الدول الغربية تصر على تجاهل هذه الحقائق، لأنها بطبيعة الحال موضع الإدانة الحقيقية بهذا الشأن.
الدول الغربية منيت مخططاتها ومشاريعها العدوانية بهزائم كبرى في سورية، لذلك تبذل كل إمكانياتها لإبقاء “حظر الكيميائية” رهينة لقرارها، ومسرحا سياسيا لتسويق أكاذيبها، الأمر الذي أفقد المنظمة مصداقيتها، وحولها لأداة، ولمنصة عدوان ضد الشعب السوري، حيث باتت تأخذ الدور الأخطر في دعم التنظيمات الإرهابية، لأنها تتغاضى بشكل متعمد عن حقيقة استخدام تلك التنظيمات للأسلحة الكيميائية والغازات السامة ضد المدنيين، رغم امتلاكها كل الوثائق التي تؤكد هذا الأمر، ورغم كل شهادات وإحاطات الخبراء المختصين التي كشفت التلاعب في التحقيقات حول مزاعم استخدام “الكيميائي”، بهدف تلفيق الاتهامات الباطلة بحق سورية، واستصدار قرارات عدائية جديدة ضدها، وهذا يحتم ضرورة توحيد الجهود الدولية لإلزام هذه المنظمة التخلي عن ارتهانها للدول الغربية، والعودة إلى دورها الطبيعي بأن تكون الحارس الأمين على تنفيذ اتفاقية الحظر، وهذا من شأنه أن يحفظ الأمن والسلم الدوليين.