ثورة اون لاين – لميس علي:
في مؤلفه “الزخرفة والجريمة”، يذكر أدولف لوس، أحد أشهر المهندسين المعماريين أواخر القرن التاسع عشر: “إن الزينة الزائدة عن الحاجة مزعجة وغير أنيقة”.
يمكن اعتبار أن منطق “الجمال المتقشف” في العمارة ظهر مع أدولف لوس.
البعض تفنن في استعارة هذا المصطلح، ليطبّقه على مختلف مجالات الفنون..
فما المانع من عيش مظاهر جمالية متقشفة ومبتعدة عن كل زخرف زائد عن الحاجة.. مظاهر جمالية يمكن توظيفها حياتيا..؟
ألا يكمن الجمال في البساطة..؟!
البعض الآخر سحب المصطلح على عموم الحياة، ليحيا عيشاً متقشفاً من كل مظاهر الزخرفة والتزيين.. عيشاً واضحاً وصريحاً في القول والفعل.
هل يسود منطق “الجمال المتقشف” في حياتنا الافتراضية..؟
أم إن الهامش يغدو متناً، والعكس صحيح في هذا النموذج من العيش على شبكة تواصل لاواقعية..؟
باستمرار، تُدهشك إمكانية سكان “الافتراض” على اختلاق نماذج من التزيين والزخرفة البصرية، لجذب العين كمقدمة لشدّ انتباهك..
تماماً كما عقلية ذوي الربح والخسارة..
عقلية تجارية بحتة تستعذب تسويق “القشور” على حساب أي مضمون.
هؤلاء ينجحون لبرهة زمنية، بتحقيق أرباح ساذجة عبر تغليف منتجهم الافتراضي بمختلف فنون الجمال غير المتقشف هنا.. إنما الباهظ تزييناً وزخرفةً..
وكأنما يبالغون بنشر منتجهم “الجمالي” ليغطي عوز القيمة الحقيقية التي يفترض أن يحتويها أو يشتمل عليها..
وصل الأمر بالبعض الكثير إلى انتقاد إحدى المطربات لأنها نشرت صورة لها من دون “فلتر”.. وليغدو كل ظهور طبيعي وعفوي، وفق فهمهم، منافياً للجمال..
يذكرني رواد “الجمال” الافتراضي بالفيلم المصري “أنا لا أكذب ولكني أتجمّل”، المأخوذ عن قصة للكاتب إحسان عبد القدوس، ويروي حكاية الشاب “إبراهيم، أحمد زكي”، الذي يقع في حب زميلته الثرية “خيرية، آثار الحكيم”.. محاولاً إخفاء حقيقة فقره وسكنه في مقبرة مع أهله.. وحين تكتشف خيرية حقيقة وضعه يبرر لنفسه قائلا: “أنا لا أكذب ولكني أتجمّل”..
حيل “الافتراض”، تفعل تماماً كما فعل بطل الفيلم.. تساعد على ابتكار الكثير من أساليب التجمّل والتجميل، بعيداً عن أي حقيقة.