الثورة أون لاين:
هل تخيلت يوماً ما أن ترى عنواناً ما مكسوراً… بل كيف يكسر العنوان هل يمحو الزمن خط العناوين أم يفكك حروفها ويمضي بها إلى حيث لا تلتقط منها أثراً أو تشم عبقها.
قد ننسى أو نتناسى عناوين نريدها أن تمحى من حياتنا بل ربما بجمر النار نحرق مكانها حتى لا يبقى مجرد وشم لها..
لكن كيف تحيل ميلينا عيسى العناوين إلى دروب إلى حكايا إلى ورد كأنه شلح زنبق ينكسر فيضوع العطر في أرجاء المكان؟.
هل نسألها ونبحث عن جواب.. بالتأكيد لن نفعل.. فأجمل الشعر ما لا يفسر جماله، ما لا تعرف أي سر يشدك إليه..
الشاعرة ميلينا عيسى في جديدها الصادر عن دار نينوى بدمشق وحمل عنوان.. وإن تكسرت العناوين.. يضعك في غابة الأسئلة التي تولد متاهات من الجمال.. بل كل جزئية تقودك إلى حقل متفجر من العبق.. وإن تكسرت.. هل أرادت أن يكون فعل الشرط بلا جواب أو أرادت أن تقول بصيغة تختلف عما نقوله بالعامية ( وإذا كان هيك شو يعني..).
وأنت تبحر في المجموعة الثرية والثرة التي تأخذ من موروث روحي يظهر ويشف وكأنه العطر الذي يذوب حياء وأنت تفعل ذلك لا يمكنك أن تقول هذا النص أجمل فكل جميل يليه جميل.. وكل معنى يخصبه معنى آخر فتقف أمام حيرة الاختيار.. وسكبة المعنى الذي لا حدود له.
في كل نص دهشة ودفء حزن يذيب نياط القلب.. أنا لا أحزن مرتين.. وإنما انبش قماطاً كانت قد دفنته الحرب في حائط المقبرة… لألفَّ به برد حبيبي..
ولكن السؤال الذي يلح على الشاعرة: بماذا أطهر خبزي من خيانات صديق قديم
كيف أمحو رائحتك عن أشياء الحجرة المعدة للهياج واحتضان نساء عابثات؟
هذا الصباح صباحك لن يذبل.. وأهداب عينيك تلف ساقيها حول القرنفل وتروي.
والشاعرة تملك الجرأة التي تجعلها تخاطب الرجل قائلة: سيدي.. أنا الغارقة في دلوك قد أتقنت حبس الأنفاس..
وغداً أتساقط كأمطار صيفية في غاباتك.
مع أني أعلم أن لا مقعد في الحديقة يكفي لنا..
وأن حصاة واحدة كفيلة بأن تسند صخرة من السقوط
سيدي
أنا المسرفة في جرمي..
كيف تتسع لي بوابة المغفرة
وفي نص شديد التكثيف ثري المعاني تقول: اقتلوني فوق زنده..
واعتصموا أمام قدري اللعوب..
عباءة البدوي لا تشتعل خارج خيمته
وجاريته لا يهدر ماؤها
إلا فوق لوح الوصايا..
اخبروه..
الأيقونة لا تحنث بصدر من يرتديها..
أما الأنثى التي تغزل لها الشاعرة ثوباً آخر فهي: الحبل بين أصابع الأنثى حالما يرتد
يتحول من أرجوحة للعشق
إلى مشنقة لمن رماهم سوء الرؤية.
في الطين المتحرك..
وهي كأنثى لا ذنب لها:
ما ذنبي إن ذبلت الأمطار فوق مظلة من أحب
ما ذنبي وجسدي في المرأة لا يرضى بأنصاف الحلول.
لهاثك هذا يمزق غلالتي..
ويقطع اعترافات قلم الروح..
تحرق النساء الغابة قبل الخروج منها.
ترى هل أبقت ميلينا معنى بعد هذا على بساطته لكنه غابة من الحرائق ونار المعنى جمر يتقد.