من الطرائف الجميلة التي تروى من عالم الفيسبوك تروي إحدى السيدات أنها جربت أن تتفاعل مع زوجها كصديقة باسم آخر، وكم سرتها ما يقوله حول المرأة وكرامتها وحريتها، ودورها، وأضافت تمنيت – لو أنه زوجي فعلاً – وهو زوجها فعلاً، ولكن لماذا يصاب بالفصام حين يعود إلي دون أن يعرف أني محدثته، هناك مع تلك السيدة كلام يحسد عليه، وعلى أرض الواقع …
ذكرتني هذه الواقعة بما نعيشه نحن الإعلاميين الآن من فائض محبة يكاد يجعلنا نطير بلا أجنحة، على مواقع التواصل وسلامات وتحيات، واتصالات، وكيل مديح قد لا نستحقه، وحتى في بعض اللقاءات الجميلة التي ناقشت على بساط أحمدي كل شيء، ظهرنا جميعاً ـ بمن فيهم كاتب هذه السطور – كأننا من عالم آخر، نعرف مشاكلنا، همومنا، نعرف الحلول، نقترحها، بل نكاد نجزم أننا أنهينا كل المعوقات التي يجب أن تزال، وكأننا في الفترة الماضية كنا نائمين، أو عدنا من عوالم أخرى لنفاجأ بما نحن عليه.
هذا عنا كإعلاميين، أما المؤسسات المعنية بالعمل مع الإعلام ومتابعته، والرد عليه، ومؤسسات الدولة كلها معنية بذلك، فحدث ولا حرج عن التنظير الذي يتحفنا به مدير هذه المؤسسات عن دور الإعلام وضرورة أن يتم التعاون معه، أيضاً تكاد تقول: إن الإعلام ظالم لكل هذه المؤسسات، بل يرميها بما ليس فيها، كل شيء متاح للإعلامي، كرامته محفوظة حين يريد لقاء حتى أعلى مسؤول في الوزارة، وأموره ميسرة، لاشيء يعكر صفو أن يكون صوت الناس، بل ما يكاد يكتب شيئاً ما، أو يعرض شكوى، أو تحقيقاً ويصل إلى المسؤولين حتى باللحظة نفسها تتخذ التدابير الفورية، وينفذ الحل …. وقس على هذا الخيال الكثير الكثير.
كم أتوق شخصياً أن يبقى هذا الحبور والمحبة بعد العشرين من هذا الشهر، وكم أتوق أن يأتي رد مؤسسة ما كتب عن تقصيرها أنها فعلا قصرت وتتخذ الإجراءات لتجاوز ما كتب عنها..
باختصار: نحن نمارس ازدواجية، لسنا واقعيين، وهنا مشكلتنا، التحليق بتهويمات الفعل دون الفعل، نريد أفعالاً لا أقوالاً، ولندع الفعل ينبيء عنا..حان لنا.
كلمة الموقع – ديب علي حسن