اتصفت مسيرة سورية التنموية غالباً بالعمل على أساس التخطيط الخمسي .. وأصل الفكرة أن تقوم الدولة بوضع الخطة الخمسية مرة كل خمس سنوات تفرغها على منهج الخطة السنوية .. حيث تلعب الموازنة العامة للدولة للإنفاق السنوي الاستثماري و الخدمي دور هذه الخطة السنوية .
واضح من منهج التخطيط المركزي هذا أنه يقوم أصلاً على دور الدولة في التنمية و الاستثمار . و طبيعي أن ذلك يعتمد كأساس للعمل الاقتصادي و التنموي في الدول ذات المنهج الاشتراكي بطبائعه المختلفة .
لكن لا يكفي اعتماد منهج التخطيط المركزي وحده لتوصيف الاتجاه الاشتراكي .. ولا يتقيد وجوده في الدول الاشتراكية و حسب .. للدول الرأسمالية ايضاً خططها و كثيراً ما تترك دوراً للدولة و استثماراتها في خطط التنمية الاقتصادية و الاجتماعية .
بغض النظر عن تصنيف الدول و توزعها بين دول اشتراكية و غير اشتراكية تحتاج الدول والمجتمعات للخطة ولاسيما عندما تمر بظروف استثنائية ضاغطة .. و تبدو الحاجة لها شديدة الضرورة في زمن ما بعد الكوارث و حشد الجهود لما يمكن أن نسميه إعادة البناء.
مع إعادة البناء يعظم دور الدولة و تشتد ضرورته ولاسيما في مرحلة التخطيط .. يعني أن دخول الاستثمارات و المشاريع الزاخرة بالأموال و الأعمال لا يعفي الدولة من مهمة التخطيط أو وضع الخطط .
فإذا كنا نحن من الأصل نأخذ بمنهج التخطيط المركزي .. حيث قامت الدولة بتنفيذ الدور الأساسي في معظم برامج التنمية و الاستثمار .. فما بالنا اليوم و الحال على ما هو عليه .. طبعاً هو ليس الوقت المناسب للسؤال عن الخطط الخمسية او ما شابهه .. لكن يمكن طرح سؤالين على الهامش الذي قدمناه :
أولاً – هل تعرف الدولة و تحفظ مثل ذاك الدور الذي سيناط بها حتى ولو دخلت الاستثمارات و الأعمال الخاصة الوطنية و العالمية ..؟؟ و طالما أنه تخطيط ..هل فكرنا بالخطة التي يجب أن تضع منهج البناء للاستثمارات مهما كان مصدرها و منهجها .. ؟ أعني هل وضعت خطة لاستقطاب و توجيه الاستثمارات الخاصة في إعادة البناء ؟ أو في الاستثمارات الممكنة للدولة و مؤسساتها في حالة أحجم القطاع الخاص و قطاع الأعمال في مواقعهما الشتى عن العمل في إعادة البناء ..
ثانياً – مثل هذا البرنامج التخطيطي الخاص في هذه الظروف شديدة الخصوصية .. يحتاج حشد كوادر إدارية قادرة و مستعدة للعمل غير العادي .. فهل بمثل هذه الإدارات و القيادات التي تقود العمل و الحياة و الإنتاج و التوزيع في سورية اليوم .. سيتم وضع الخطط المنقذة من البلاء الذي حلّ بالبلاد .. ؟!.
هذا سؤال مشروع جداً .. و يخشى من أن تتم الأمور من منظور ” هذا هو الموجود .. فمن أين نأتيكم بالكوادر القادرة ؟؟..
معاً على الطريق – أسعد عبود