يتوهم العدو الصهيوني أنه باستهدافه المتواصل للمقاومة ورموزها بإمكانه أن يطفئ جذوتها، أو أن كل عملية غدر جبانة ينفذها حكام هذا العدو يمكن أن تبدد مخاوفهم على مصير كيانهم الغاصب، ربما لم يدرك القائمون على تنفيذ مثل هذه الجرائم النكراء بحق أبطال المقاومة ورجالاتها الأحرار بأنهم أعجز عن اغتيال المقاومة، فهي خيار شعبي ورسمي، وحققت ولم تزل انتصارات كبيرة على العدو عبر مراحل المواجهة السابقة، والتاريخ لم يسجل في ذاكرته أن مقاومة شعب حر أبي هزمها جبروت المحتل ومجرميه القتلة.
جريمة اغتيال الأسير المحرر مدحت الصالح هي استكمال لسلسلة الجرائم التي ارتكبها العدو الغاشم بحق العديد من رموز المقاومة، وما زال يرتكبها بحق أهلنا في الجولان المحتل، وهو يريد من ورائها ترهيب السوريين وثنيهم عن خيارهم المقاوم، واغتيال حقهم في استرجاع جولانهم الحبيب، بعد أن أقضت انتصارات الجيش العربي السوري مضاجع حكام هذا العدو، وشارفت سورية على إنجازها نصرها الكامل على الإرهاب وداعميه، لتوجه البوصلة نحو تحرير الجولان المحتل، فاستعادته كاملاً بكل الوسائل التي يكفلها القانون الدولي في قائمة أولويات السوريين، وحقّ أبدي لن يخضع للمساومة أو التنازل، ولا يسقط بالتقادم.
الاحتلال الصهيوني لم يتخل يوماً عن نهجه الإرهابي لمحاولة استهداف سورية باعتبارها تمثل رأس الهرم المقاوم في المنطقة، ولكنه ما زال يصطدم بجدار ثقافة المقاومة المتجذرة لدى السوريين المتمسكين بهذا الخيار لتحرير أرضهم واستعادة حقوقهم، وهذا ما يجسده أهلنا في الجولان المحتل، الذين يمارسون شتى أنواع المقاومة بوجه الكيان الغاصب، ويفشلون كل مشاريعه ومخططاته، فهو ما زال عاجزاً عن فرض مشيئته وقوانينه العنصرية بفضل قوة إرادتهم وصمودهم، وعدم تخليهم عن خيارهم المقاوم، وبفعل ثقتهم الأكيدة بأن الدولة السورية لن تتوانى عن بذل الغالي والنفيس من أجل تحرير كل شبر من الجولان، بنفس القوة والإرادة التي حررت معظم المناطق من رجس الإرهاب وداعميه، وعلى رأسهم الكيان الصهيوني.
جرائم غدر العدو برموز المقاومة لن تزيد السوريين إلا إصراراً على التمسك بخياراتهم وثوابتهم، فهم أصحاب تاريخ وإرث نضالي طويل، يعشقون وطنهم، ويقدسون كل ذرة تراب من أرضهم، ويتباهون بوطنيتهم وهويتهم وانتمائهم، وثقافة المقاومة متأصلة لديهم منذ الأزل، وجذوتها لم تنطفئ يوماً، ولطالما اشتعلت بوجه كل غاصب ومحتل وانتصرت، ومن يحمل جذور تلك المقاومة لا يمكن لأي قوة في العالم مهما تجبرت وتغطرست أن تنال منه، أو تفت من عزيمته، لأن من يمتلك إرادة المقاومة لا بد أن ينتصر.
البقعة الساخنة – ناصر منذر