الثورة أون لاين – هناء الدويري:
ضمن فعاليات اليوم الأول الثقافية لمعرض الكتاب السوري أقيمت ندوة بعنوان (الرواية تاريخ من لا تاريخ له) في مكتبة الأسد بدمشق قدّمت من خلالها الدكتورة ماجدة حمودة تفاصيل عن الرواية بين السيرة الذاتية والتاريخ واتخذت من روايات الكاتبة غادة السمان انموذجا للتميز بين كيفية اجتماع السيرة الذاتية مع التاريخ، ففي السيرة الذاتية تظهر الأنا ومع التاريخ تختفي، والرواية استطاعت أن تجمع بين صوت الأنا (السيرة)وصوت الجماعة أو الصوت المتعدّد(الأجناس الأدبية)، و بفضل الرواية يمكن التعريف بروح الانسان وروح المكان، ونتجاوز الحدود مكانياً وزمانياً، ونستطيع نقل هموم حاضرنا إلى الماضي، وننقل من الماضي هموماً و أخطاء نعيشها إلى اليوم و نحيي شخصيات عادلة نعيش بظلّها إلى اليوم، الهروب من حاضر بلغة الماضي…
والرواية التاريخية تسلّط الضوء على شخصيّات مهمّشة يغفلها التاريخ(تاريخ الخلفاء والسلاطين)
ومع غادة السمان نحيي تاريخ الحرب الأهلية في لبنان عبر ثلاث روايات في الأولى(بيروت) تنبأت بالحرب الأهلية ثم عايشت هذه الحرب بيومياتها بكوابيسها وبدمارها وبتخطيها لكلّ القيم الجميلة في الحياة، الحروب كلها تحطّم قيماً إنسانية نعيشها، وخدمت روايتها بكابوس ووثيقة لتقول: (إنّ التاريخ أصبح كابوساً اليوم، بل حلم جميل هو من ينقذنا من واقع مدمّر)، وتكمل في رواية أخرى عن الاجتياح الصهيوني لبيروت ١٩٨٢ في(ليلة المليار) تقدّم في الابداع
وفي(سهرة تنكريّة للموتى) تقدّم السمان فترة تاريخية أخرى وهي فترة انتهاء الحرب وتسلّط الضوء على من دمّر البلاد فالفاسد دائماً يدمّر أحلامنا، ونعايش شخصيات تضيع بين الانتماء للوطن والانتماء للمهجر .
وفي الرواية السيرة الذاتية فسيفساء و وداعاً يا دمشق صوت الأنا واضحاً، تختبئ الكاتبة وراء شخصية روائية شكلت لها منفذاً للتعبير بحرية و يبقى التأريخ لروح المكان حاضراً…
الكاتب والروائي خليل صويلح بثقافته الصحفية والروائية تحدّث عن خديعة المؤرّخ، حيث تعمل الرواية عملية سرد تاريخي باستخدام التخييل، فالروائي خيميائي يسعى عن طريق اللغة و الخيال و التجربة إلى تسجيل بصمة سرية تقوده إلى فضح فجوات التاريخ لما يشبه الاستجواب و المكاشفة، وهذا ما نجده في بعض أعمال عبد الرحمن منيف و سمعان ابراهيم حتى أن الروائي اسماعيل كافاليه في روايته(الوحش) يشكّك بوجود حصان طروادة واضعاً افتراضات منطقية في سعيه لكشف خديعة المؤرخ و كأن اختراعه لهذا الحصان الخشبي كان القصد منه إخفاء الفظائع والجرائم والمذابح، عمل الروائيون على كتابة تاريخ متوازن أكثر إقناعاً مما أورثنا إياه المؤرخون، كما في روايات نجيب محفوظ بتأريخه للقاهرة.
في عنوان المرجعية التاريخية وفاعلية التخييل الروائي ألقى الأستاذ حسام خضور نيابة عن الدكتور نذير جعفر محاضرته بأمانة بسبب مرضه متحدثاً عن تاريخ الرواية في ثقافتنا العربية واتخذ من الروائي المسرحي علي أحمد باكثير ١٩١٠ انموذجاً و رغم شهرته الواسعة لم ينل حقّه من التكريم الذي يتناسب مع مكانته، ورواياته التاريخية أقرب إلى تعريف لوكاش للرواية التاريخية فهو لا يعود إلى التاريخ ليعيد شرحه وتوصيفه عبر قالب قصصي سردي و إنما يعود إليه مركزاً على لحظات مفصلية عبر حبكة درامية تحقق المتعة والمعرفة بالماضي والحاضر معاً…
إدارة الندوة للدكتور فاروق سليم.