لم يبق للمواطن ما يمكن أن يشعر بأنه محط اهتمام ومتابعة من قبل الجهات المعنية، ففي كل يوم هناك أزمات جديدة تضاف إلى أزماته المعيشية التي تفاقمت إلى حد كبير بسبب موجات الغلاء المسعورة التي لم تعد تعرف حداً أو تقف عند مستوى واضح لها.
اليوم تأتي أسعار الدواء التي ارتفعت من جديد لتزيد من هذه الأزمات في وقت يداهم فيروس كورونا المجتمع بشراسة وعنف غير مسبوقين، ويتضح هذا من عدد الإصابات المتزايد في كل يوم وإعلان وزارة الصحة أن مشافيها لم تعد قادرة على استيعاب أعداد إضافية من المرضى بعد أن امتلأت أسرتها عن آخرها في معظم المدن والمحافظات.
وفوق غلاء الدواء عاد بعض المحتكرين ليستثمروا في هذا البلاء الذي أصاب الإنسانية، وليحجبوا بعض الأدوية الضرورية واللازمة لمرضى كورونا وهي ليست المرة الأولى إذ أن جهوداً إضافية بات على المواطن أن يبذلها في عمليات البحث عن الدواء، حتى (السيتامول) لم يعد المواطن قادراً على أخذ حاجته إذ تجد الصيادلة يتذرعون بأنه لا تصلهم الكميات المطلوبة.
وبالأصل فقد تراجعت مستويات الاهتمام بالغذاء كماً ونوعاً لدى الشريحة الأوسع من المواطنين بسبب ارتفاع الأسعار الكبير لمعظم السلع الغذائية الضرورية، ما أدى إلى اعتلال واضح بالصحة نتيجة عدم قدرة هذه الشريحة على تأمين الغذاء الضروري واللازم لتحصين أجسامهم، الأمر الذي ضاعف إمكانية الإصابة ووفر بيئة مرضية قابلة للإصابة بسرعة أكبر بأي مرض سواء كورونا أو غيره بسبب ضعف مناعة الجسم وعدم قدرة المواطن على تعزيز هذه المناعة.
وبين فكي كماشة الغلاء ينوء المواطن تحت أحمال ثقيلة، فيما الأمر متروك دون أن نلحظ أي خطوات أو مبادرات نوعية سواء من الجهات المعنية أم حتى من قطاع الأعمال والمنتجين والتجار للمساهمة في مساعدة الفئات الاجتماعية الأقل دخلاً، لا بل على العكس هؤلاء يصرون في كل مرة على رفع أسعارهم متذرعين بارتفاع تكاليف الشحن مرة وارتفاع أجور النقل مرة ثانية وغلاء حوامل الطاقة والمواد الأولية وغير ذلك..
الجميع لديه مبرراته لرفع أسعاره بما يحافظ على مستويات أرباح ثابتة دون تغيير فيما المواطن يخسر في كل يوم صحته وحياة الكثير من الأعزاء بسبب هذه الظروف غير المسبوقة التي لا تجد من يتدخل أو يساهم في منع تأثيراتها على الفئات الأضعاف في المجتمع.
على الملأ -محمود ديبو