مع قرار مجلس النواب التركي الأخير بالاستمرار في إطلاق عدوان أردوغان على كلّ من سورية والعراق للفترة القادمة، تكون تركيا قد أعلنت بما لا يقبل التشكيك أنها ماضية في عدوانها الإرهابي وأن أردوغان لم يتوقف عند حدٍ ما تم الاتفاق عليه في قمته الأخيرة في مدينة سوتشي الروسية مع الرئيس فلاديمير بوتين، تلك القمة التي أقرت بوحدة الأراضي السورية خالية من أي وجود أجنبي مسلح، وكان ذلك رسالة روسية واضحة لتركيا وأردوغان بوجوب الانسحاب من الأراضي السورية كلّها دون تأخير.
فالقرار البرلماني التركي يضرب عرض الحائط بذلك الاتفاق بصورة تماثل حال اتفاقات سابقة وقعها أردوغان مع الرئيس فلاديمير بوتين وعاد وانقلب عليها، كما حصل في اتفاق سوتشي في السابع عشر من أيلول عام ٢٠١٨ في القمة التي حددت منتصف تشرين الأول من العام ذاته كموعد نهائي لسحب الأسلحة الثقيلة من المجموعات الإرهابية المسلحة المتواجدة في إدلب آنذاك وتراجعها لمسافة تتراوح ما بين عشرين إلى خمسة وعشرين كيلومتراً بعيداً عن الطريقين الدوليين اللذين يربطان حلب بكلّ من دمشق واللاذقية، الأمر الذي لم يحصل ولم يلتزم أردوغان به، بل على العكس تماماً، عمد أردوغان للانقلاب على ذلك الاتفاق من خلال العمل على دفع تنظيم هيئة تحرير الشام الإرهابي للسيطرة على معظم مناطق إدلب وإنهاء دور المجموعات المسلحة السابقة التي كانت تدعي ارتباطها بالاستخبارات التركية وقبولها بما تراه تركيا.
واليوم نرى وكأن الحال مستعاد بطريقة جديدة ومستجدة، فالاتفاق الروسي -التركي الأخير واضح في إقرار خروج تركيا من كلّ الأراضي السورية التي دخلتها دون وجه حق أو طلب رسمي من الحكومة السورية الشرعية وبالتالي فإن أردوغان مستمر في سياسته العدوانية الاستعمارية الموروثة من عمق الفترة العثمانية، فما الاحتمالات المتوقعة، وأي ردود منتظرة؟.
بغض النظر عن أحقية سورية وإمكانية اللجوء إلى خيارات متعددة، وبغض النظر عن فهم أسلوب أردوغان الكاذب أمام كلّ المعاهدات والاتفاقيات التي يوقع عليها، فإن الإمكانيات والقدرات السورية قادرة على تنفيذ عمليات عسكرية نوعية في أي وقت كان، شأن ما كان يخطط للقيام به في خريف ٢٠١٨ قبل الاتفاق المشار إليه آنفاً، إذ إن مشكلة أردوغان وعقدته الشخصية لا يمكن مواجهتها وهزيمتها إلا بالقوة العسكرية، ويبدو أن هذا سيكون الحل الأخير.
معاً على الطريق- مصطفى المقداد