عندما يختفي السعر

مقيتٌ جداً أن يضرب المستهلك أخماسه بأسداسه ويقرر شراء سلعة معينة ثم يذهب إلى السوق ويتنقل من واجهة محل إلى أخرى، فهو غالباً سوف يجد كل ما يريده أمامه ولكن المشكلة الصادمة والمقيتة هي أن أغلب تلك السلع والمواد معروضة من غير تسعيرة، فيحتار المستهلك بأمر نفسه، ويُحرَج من السؤال عن سعر هذه السلعة أو تلك، فقد يكون الفرق كبيراً بين السعر وبين المبلغ الذي رصده للشراء، ليدخل في جدلٍ مع البائع كان بغنى عنه لو أن السعر معلن بوضوح على الواجهة، وكي يزيدنا البائعون استفزازاً تكون التسعيرة معلقة بالسلعة ولكنها مقلوبة نحو الداخل أو الأسفل ليغيب السعر عن الواجهة ولا يمكن رؤيته.

هؤلاء التجار يعتقدون أنهم يتشاطرون على المستهلكين، في حين سرعان ما يتبادر لذهن المستهلك أن هذا التاجر سيحاول اقتناص أكبر قدر ممكن من السعر الزائد عن الحد، فتضيع الثقة بين الطرفين، البائع يرفع السعر ما أمكن، والشاري يبدأ بمحاولات تخفيضه ما أمكن من جهته، لتبدأ منازلة سعرية غير لائقة من المفاوضات والمبازرة على السعر والمساومة .. على قاعدة التشكيك وفقدان الثقة والاستهزاء بالآخر.

المستهلكون باتوا يدركون جيداً أن اختفاء السعر بعدم الإعلان عنه وبدء المساومة عليه هو يعني – إلى جانب فقدان الثقة – استعداد البائع الضمني للتخفيض، وهذا ما يجري غالباً بالفعل، ويكون التخفيض مدهشاً أحياناً إذ يصل إلى ألف أو ألفين .. أو ثلاثة آلاف ليرة وإلى خمسة آلاف في بعض المرات ربما أكثر، تبعاً لنوعية السلعة وسعرها المزيف، وذلك يتم بمقدار صبر المستهلك وجلده على مقارعة البائع بالنقاش والمفاصلة على السعر، الأمر الذي يؤكد الخطأ الجسيم عند مثل هؤلاء الباعة، الذين على كل منهم أن لا يتخيّل بأن أي مستهلك سينظر إليهم على أنهم قد تعاطفوا معه، أو بادروا إلى التخلي عن أرباحهم “المتواضعة” والنظامية المستحقة المبنية على دراسة التكاليف، بل على العكس تترسخ القناعة عند المستهلك أن البائع كان يحاول جرّه لدفع المزيد من الأموال على قاعدة الطمع والجشع والاستغلال.

تَعَبُ القلب هذا والوصول إلى مثل هذه التقييمات والمشاعر السلبية كان يمكن أن تُختصر بالتخلي عن هذا الأسلوب السيىء والالتزام بالإعلان عن السعر بوضوح ليقرر المستهلك من البداية إن كان قادراً أو راغباً بشراء هذه السلعة أم تلك، ولكن أغلب البائعين – مع الأسف – يميلون إلى ذلك الغموض، غير مكترثين بحيرة المستهلكين ومشاعرهم، وبات الأمر كالإدمان عند الباعة، فلاشيء يقنعهم بالتخلي عن تفاهة هذا الأسلوب، حتى القانون – مع الأسف – كان عاجزاً عن إقناعهم، فالمادة (41) من المرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2021م المتضمن قانون حماية المستهلك تفرض عقوبة على شكل غرامة مقدارها ( 300 ) ألف ليرة لكل بائع عند عدم الإعلان عن أسعار المواد أو المنتجات أو السلع.. ومع هذا لا حياة لمن تنادي، في ظل مثل هذه الرقابة التموينية المتراخية .. سواء بقصد .. أم بغير قصد ناجم عن نقص الكوادر أو عن أي سبب آخر، إذ بإمكانهم إلزام المحال بالإعلان عن الأسعار في الأسواق الرئيسية على الأقل وبجميع المدن، لتكون قدوة لبقية الأسواق، ولكن لا يبدو انعقاد أي نية بهذا الاتجاه، والبائعون ماضون في نهجهم بعدم الإعلان عن السعر، وبكامل الاستخفاف بالمستهلكين وبالرقابة وبالقانون.

على الملأ- علي محمود جديد

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

آخر الأخبار
تعاون أردني – سوري يرسم ملامح شراكة اقتصادية جديدة تسجيل إصابات التهاب الكبد في بعض مدارس ريف درعا بدر عبد العاطي: مصر تدعم وحدة سوريا واستعادة دورها في الأمة العربية لبنان وسوريا تبحثان قضايا استثمارية خلال المنتدى "العربي للمالية" بينها سوريا.. بؤر الجوع تجتاح العالم وأربع منها في دول عربية سوريا تعزي تركيا في ضحايا تحطّم طائرة قرب الحدود الجورجية هدايا متبادلة في أول لقاء بين الرئيس الشرع وترامب بـ "البيت الأبيض" بعد تعليق العقوبات الأميركية.. "الامتثال" أبرز التحديات أمام المصارف السورية الرئيس اللبناني: الحديث عن "تلزيم" لبنان لسوريا غير مبرر الأردن يحبط عملية تهريب مخدرات عبر مقذوفات قادمة من سوريا انعكاسات "إيجابية" مرتقبة لتخفيض أسعار المشتقات النفطية قوات أممية ترفع الأعلام في القنيطرة بعد اجتماع وزارة الدفاع   تخفيض أسعار المحروقات.. هل ينقذ القطاع الزراعي؟ رفع العقوبات.. فرصة جديدة لقروض تنموية تدعم إعادة الإعمار اليابان تعلن شطب اسمي الرئيس الشرع والوزير خطّاب من قائمة الجزاءات وتجميد الأصول من واشنطن إلى الإعلام الدولي: الرئيس الشرع يرسم ملامح القوة الناعمة 550 طن دقيق يومياً إنتاج مطاحن حمص.. وتأهيل المتضرر منها  الرياض.. دور محوري في سوريا من هذه البوابة محاكمة الأسد.. الشرع يطرح قلق بوتين وتفاصيل الحل   الشيباني إلى لندن.. مرحلة جديدة في العلاقات السورية–البريطانية؟