هياج إعلامي غير مسبوق مترافق مع حملة دبلوماسية قاسية، وقطع علاقات وتهديدات والمزيد من التصعيد، كلّ ذلك شهدناه في الأيام القليلة الماضية من قبل النظام السعودي ضد لبنان وحكومته ومقاومته على خلفية رأي قاله الإعلامي اللبناني جورج قرداحي – قبل أن يتولى منصبه كوزير إعلام في الحكومة الجديدة – وهو رأي “أخلاقي وإنساني” بحرب همجية دمرت اليمن وحضارته وقتلت وشردت وجوعت الملايين من شعبه دون أي مسوغ أخلاقي أو قانوني، في حين مازالت هذه الحرب العبثية المدمرة تواصل فصولها المجنونة دون أي أفق لانتهاء مآسيها وكوارثها وأحزانها، لينتقل الاهتمام والضخ الإعلامي فجأة من حرب ظالمة إلى تفصيل مرتبط بها لا يعدو كونه رأياً شخصياً قيل في برنامج تلفزيوني.
المتابع لخلفية هذا الاستهداف الجديد للبنان، وهو استهداف لمقاومته بالدرجة الأولى، يدرك تماماً أن المسألة لا ترتبط برأي شخصي لا يعبّر عن الحكومة أو الدولة اللبنانية، بل هي امتداد لمحاولة إشعال الفتنة فيه عبر أحداث الطيونة – وهي بالمناسبة هدف صهيو -أميركي للقضاء على المقاومة – يضاف إلى ذلك عجز النظام السعودي عن تحقيق أهداف حربه العبثية على اليمن – وهي أيضاً حرب صهيو-أميركية رغم كلّ المهل التي أعطيت له، وهنا لا بدّ للفاشل والعاجز من أن يعلق فشله وعجزه على الآخرين، فلم يجد أمامه سوى لبنان الذي يعيش شعبه ظروفاً سياسية واقتصادية صعبة جداً نتيجة الحصار والعقوبات والتدخلات الأميركية والغربية.
وفي ضوء الارتماء الخليجي المتواصل في الحضن الصهيوني عبر مسار التطبيع المجاني، واستعداد النظام السعودي لأدوار وظيفية تخدم المشروع الصهيوني والأميركي بشكل أو بآخر، يمكن قراءة وفهم أسباب هذه الأزمة المفتعلة، فلبنان المحصن بمقاومته هو مصدر إزعاج وقلق دائمين للكيان الصهيوني، وهو عنصر أساسي في إفشال صفقة القرن التي تستهدف حقوق الفلسطينيين، إضافة إلى أنه عامل تعطيل مهم لمسار التطبيع المخجل، لذلك قامت قيامة “إسرائيل” أكبر المتضررين، وهاج أصدقاؤها العرب وعبروا عن مواقفهم المخزية..!
البقعة الساخنة- عبد الحليم سعود