بدأت وزارة الزراعة الاستعدادات للبدء بموسم التحريج من خلال الإعلان عن أعداد الغراس المُنتجة في المشاتل، ولكن التحريج هذا العام يجب أن يأخذ منحى مُختلفاً عن كل المواسم السابقة لعدة أسباب، أولها إن نسبة كبيرة من الغراس تموت سنوياً، ولو أن ربع الغراس التي يتم تحريجها كل عام لم تيبس لكانت سورية غابة خضراء، ولكن الواقع عكس ذلك، فالمساحات الخضراء تتقلص كل عام.
ثانياً هناك تغير مُناخي واضح ولم يعد مقبولاً أن يمتد موسم التحريج لعدة أشهر، ويجب ألا يبتعد عن نهاية الشهر الثاني، لأن الأمطار على سبيل المثال توقفت العام الماضي في نيسان وبالتالي كل الغراس التي تم زراعتها يبست بسبب الجفاف وتعثر إمكانية سقايتها بسبب عدم توافر الآليات والمازوت للصهاريج وغياب مصادر المياه كذلك.
أن تهدف خطة التحريج سنوياً لزراعة آلاف الهكتارات فهذا لا يعني إنجازاً إن لم تكن إمكانات تنفيذ الخطة ومتابعة الاهتمام بالغراس وحمايتها وسقايتها جاهزة، وبعودة للمواقع التي تم تحريجها العام الماضي نجد أن نسبة كبيرة من الغراس قد يبست، وبالتالي ما فائدة الاحتفال بزراعة ملايين الغراس سنوياً؟
الأولوية في خطة الحراج يجب أن تتجه لحماية ما تبقى لدينا من أشجار من خلال تأمين مصادر مائية للمواقع الحراجية لسقاية الغراس وإطفاء الحرائق، وأن يتم فتح طرق وخطوط نار لوصول آليات الإطفاء، فحماية غابة عمرها عشرات السنين أهم بكثير من زراعة ملايين الأشجار ونحن لسنا قادرين على سقايتها والاهتمام بها.
ليس الطموح بزراعة أكبر عدد من الأشجار ما لم نكن قادرين على حمايتها والاهتمام بها، الطموح أن نحافظ على ما لدينا من حراج وغابات، أيضاً يجب تغيير آلية الإنتاج بالمشاتل من خلال تنويع الغراس واختيار الغراس المناسبة لكل جغرافيا، وقد لمسنا العام الماضي شيئاً من ذلك بإنتاج غراس البطم والبلوط والزعرور والغار غير ذلك من أنواع الأشجار، فالتنوع مفيد بيئياً واقتصادياً، وقد لمسنا ذلك في الغابات والمواقع المحروقة، فالمواقع المُشجرة بالصنوبريات أصبحت أرضاً قفراء، بينما المواقع المتنوعة بالأشجار عادت لترمم نفسها وكشفت أن أسوأ أنواع التحريج هو زراعة الصنوبريات، فهي تشتعل بشكل سريع، وتنقرض عن بكرة أبيها، وإن إعادة تشجيرها يحتاج لتكلفة عالية واهتمام كبير وسنوات طويلة جداً لتأخذ شكل الغابة بظل التغير المناخي.
على الملأ- بقلم مدير التحرير-معد عيسى