تم منذ يومين رفع سعر إسطوانة الغاز المنزلي والصناعي، وكانت التبريرات لهذا الرفع جاهزة، من أن هذا الرفع لصالح المواطن، وأن هذا الإجراء لن يرتب أعباء حياتية إضافية عليه، ولا يوجد أي مبرر لكي ترتفع أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية، وأنه رغم هذا الرفع ما زالت اسطوانة الغاز دون التكلفة التي تتحملها الحكومة، والمفارقة المؤلمة أن هذا الرفع الكبير بسعر إسطوانة الغاز لن يسرع عملية حصول المواطن عليها على البطاقة الذكية لفترة أقل من ثلاثة أشهر، بحسب ما صرح به السيد وزير التجارة الداخلية في مؤتمره الصحفي الأخير في وزارة الإعلام.
هذا القرار بكلماته القليلة فعل وسوف يفعل ما لم يفعله أي قرار آخر، فقبل هذا القرار وصلت أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية الى أرقام لا تطاق، فكيف يكون الحال بعده، لذلك لم يكن هناك من داع لنزيد لهيب هذه الأسعار اشتعالا قبل دراسته بشكل جيد و الإحاطة بكافة الآثار الجانبية له، فعلى سبيل المثال لا الحصر وعلى مستوى الأكلات الشعبية فقط مثل المسبحة والفول وهي الملاذ الأخير للفقراء فقد ارتفعت أسعارها قبل هذا القرار بشكل كبير، واختفت من على موائد غالبية المواطنين .
وبنفس التوقيت تم زيادة تعرفة الكهرباء والحجة جاهزة أيضاً وهي الحفاظ على قطاع الكهرباء من الانهيار.
وقبلها تم رفع أسعار الحليب المجفف المستورد بحجة منافسته للحليب السائل المنتج محلياً، وبغية ترميم الثروة الحيوانية وكانت النتائج كارثية أيضاً، فبعد هذا القرار لم تنخفض أسعار الحليب الطبيعي ومشتقاته بل ارتفعت ارتفاعاً كبيراً جداً بسبب عدم توفير الأعلاف للثروة الحيوانية بشكل عام بل واحتكارها من قبل المستوردين، وارتفعت أسعار الحليب المجفف المستورد الذي أصبح مادة أساسية على مائدة المواطن المنهك الذي يبحث عن السلعة الأرخص، ولم يتم ترميم الثروة الحيوانية حتى الآن ومازال عديدها في تناقص بفعل تهريبها، وحرم المواطن من لحومها أيضاً التي ارتفعت اسعارها بشكل جنوني .
على مدار سنوات الحرب والحصار الظالم المفروض على سورية لعبت سياسات الجهات المعنية دوراً في الوصول إلى ذلك التضخم الرهيب في الاسعار، كسياسة رفع أسعار المحروقات لأكثر من مرة وخاصة مادة المازوت التي أججت الأسعار بشكل كبير، وأدت الى تدهور القوة الشرائية للمواطن، إضافة إلى أن الدعم الحكومي المقدّم للمواد المقننة لم تنعكس أثاره على معيشته، مع بقاء أغلب القرارات الصادرة لتخفيض الأسعار حبراً على ورق.
باختصار لقد تجاوزت ارتفاعات الأسعار كل حد، وشملت كافة السلع والبضائع، سواء كانت مستوردة أم من انتاج محلي ولم تعد الذرائع التي تقدم تبريراً لهذا الارتفاع من العرض والطلب، إلى تذبذب أسعار الصرف، إلى الحالة الجوية تقنع أحداً، وأصبحت عبارة حماية المستهلك التي يسمعها المواطن من العبارات الممجوجة و موضعاً للتندر، ولا يزال الجدل البيزنطي هو السائد إلى الآن، هل نخفض الأسعار أم نزيد الرواتب والأجور .
عين المجتمع – ياسر حمزه