بعيداً عن التغني بالبيئة وسلامتها دون حماية حقيقية لها التلوث بمياه جفت عصر الزيتون في محافظة طرطوس الى متى؟؟!!
الثورة اون لاين _ تحقيق -فادية مجد :
في كل عام ومع تخصيص يوم للاحتفاء بالبيئة نتساءل باستغراب هل بيئتنا بخير وبعيدة عن أي تلوث وتعديات لنشعر بالغبطة والنشوة ونقيم الاحتفالات ؟!!
ونتساءل أيضا هل التغني بأهمية البيئة وضرورة الحفاظ عليها وتعليق الشعارات يجدي فائدة حقيقية دون أن نكون قد عملنا جاهدين ومتعاونين كمواطنين وجهات معنية أفعالا وسلوكا وتطبيقا واجراءات عملية للحفاظ على بيئتنا نظيفة بعيدة عن التلوث والتعديات الجائرة ؟!!
الجواب بالطبع لا .. فمحافظة طرطوس وهي محور اهتمامنا مازالت مشكلات التلوث البيئي فيها تتصدر الواجهة ، فمن تلوث بصرف صحي واستخدام عشوائي للمبيدات في البيوت المحمية وتسرب نفطي استقر في شاطىء بحرها كما حدث مؤخرا ، وأدخنة معمل ينفث سمومه في الهواء كما هو الحال في معمل اسمنت طرطوس ملحقاً الضرر الكبير بالبيئة وصحة الانسان وليس انتهاء بتلويث الينابيع ومصادر مياه الشرب بمخلفات معاصر الزيتون كل عام
والتي سنفرد لها مساحة في تحقيقنا ولاسيما بعد أن تم الشهر الماضي إيقاف مشروعي “نعمو الجرد” في بانياس و”تيشور” في ريف طرطوس وهي مشاريع لمياه الشرب في المحافظة بسبب تلوث مياههما بمخلفات معاصر الزيتون ( مياه الجفت ) لنسلط الضوء على التلوث الذي حدث، وعمل الجهات المعنية وماهو دورها الرقابي في مراقبة عمل معاصر الزيتون ومنع تلك التعديات والتجاوزات على البيئة وكيف لنا أن نستفيد من مخلفات الجفت ونحوله لمادة مفيدة وبالتالي تخليص البيئة من أضرارها وتلوثها …
*مشروعا نعمو الجرد وتيشور خارج الخدمة..
البداية مع معاون مدير مؤسسة مياه الشرب بطرطوس المهندس “أحمد حسامو” والذي أشار الى التلوث الذي سببه ماء الجفت الناتج عن عصر الزيتون والذي حدث الشهر الماضي وأدى الى خروج مشروعي نعمو الجرد في بانياس وتيشور بريف طرطوس من الخدمة لمدة زمنية قصيرة ريثما تمت المعالجة.
*معالجة سريعة وإجراءات..
مشيرا الى الإجراءات السريعة من قبل مؤسسة المياه ومنها تنظيم الضبوط اللازمة بحق المعاصر المخالفة وإغلاقها وضخ المياه من المشروعين خارج الشبكة ، وقطف عينات يومية وتحليلها على مدار عدة أيام ومراقبة cod فيها للتأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية السورية إضافة لإفراغ الجور الخاصة بمعصرة الفوار الملوثة لمشروع تيشور وترحيل محتواها وتطيين جدرانها والتأكد من كتامتها.
*مياه الجفت والتلوث..
وذكر المهندس “حسامو” أن مياه الجفت هي من الأسباب الرئيسة لتلوث مشاريع مياه الشرب في محافظة طرطوس عدا عن أضرارها بصحة الانسان والبيئة ، إضافة لمساهمتها في زيادة نسبة cod في المياه الى نسب تخالف المواصفات القياسية السورية ، مبيناً أن مؤسسة مياه طرطوس وخلال موسم الزيتون في كل عام تقوم باستنفار كامل طواقمها على مساحة المحافظة واتخاذ كافة الاحتياطات لمراقبة مشاريعها المائية والتأكد من سلامتها من خلال إجراء الاختبارات والتحاليل الضرورية عند الحاجة أو الاشتباه بأي طارىء.
* تفعيل عمل اللجان ..
وختم المهندس “حسامو” كلامه بالتأكيد على ضرورة تفعيل عمل اللجان المختصة في المحافظة في مراقبة عمل المعاصر بغية الحفاظ على مياه الشرب نقية آمنة وبعيدا عن أي تلوث بمياه جفت وغيره .
شروط فنية.. ومخالفات !!!
رئيس لجنة المعاصر ورئيس دائرة الأشجار المثمرة في زراعة طرطوس المهندس محمد عبد اللطيف تحدث عن عملهم وتعاميمهم على المعاصر والشروط النظامية الواجب توفرها في كل معصرة زيتون منعا لأي مخالفة وتلوث للبيئة وقال إنه يشترط أن يتوفر في كل معصرة حوض تجميعي كتيم يستوعب ماء الجفت الناتج عن المعصرة لمدة أسبوع وأرضية كتيمة لا ترشح وتوفر مقطورة لنقل ماء الجفت في كل معصرة لغاية ترحيله قبل امتلاء الحوض التجميعي.. مبيناً أنه يتم التحقق من ذلك قبل و خلال موسم عصر الزيتون من خلال لجنة فرعية مشكلة لمراقبة عمل المعاصر وتضم الزراعة والتجارة الداخلية والصناعة والبيئة والموارد المائية وجمعية معاصر الزيتون حيث تجتمع
هذه اللجنة قبل موسم العصر مع أصحاب المعاصر ويتم اطلاعهم على الشروط والإجراءات الواجب إتباعها للحصول على أعلى نسبة زيت ، وعلى أن يتم تعليق هذه الشروط مع التسعيرة في مكان بارز في المعصرة .
*مراسلات دون جدوى ؟!!
وعن الإجراءات المتخذة من قبل مديرية البيئة بطرطوس لمنع التلوث الذي يحدثه جفت معاصر الزيتون كل عام وعملهم بهذا الخصوص أفاد الدكتور “علي داود” مدير بيئة طرطوس بأن المديرية استنادا الى قانون حماية البيئة رقم ١٢ لعام ٢٠١٢ تقوم بعمليات التفتيش البيئي النوعي استجابة للشكاوى على معاصر الزيتون في المحافظة ومراقبة مدى التزام المعاصر بشروط الترخيص والاشتراطات الواردة في قرار وزارة الدولة لشؤون البيئة رقم ٨٣٢ / ف ومخاطبة الجهات المعنية بالمقترحات
الملائمة فيما يتعلق بالمعاصر.. منوها أنه يتم أيضا تشكيل لجان مركزية على مستوى المحافظة ولجان فرعية على مستوى المناطق برئاسة مديرية الزراعة وممثلة بالجهات ( البيئة _ الصناعة _ التجارة _ الداخلية _ الموارد المائية ) لتوحيد آلية عمل الرقابة على عمل المعاصر من حيث تجميع مياه الجفت في جور فنية كتيمة ، وعدم إلقائها الى شبكات الصرف الصحي أو الوديان والمسايل الشتوية وتوزيعها على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة والمناطق الحراجية بشكل فني وعملي.. لافتا الى أن اللجان المشكلة لمراقبة عمل المعاصر تقوم برفع تقاريرها للمحافظة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق المعاصر المخالفة من تشميع وإغلاق وتسطير مخالفة.
*المتهم (الجفت) مفيد للزراعة..
بالمقابل وبعيدا عن أضرار مياه الجفت كمصدر للتلوث هناك من فكر بتحويل مادة الجفت من ملوث للبيئة الى سماد يستفاد منه في الزراعة وزيادة انتاجية مادة البطاطا.
ففي ظل الحصار الاقتصادي الجائر على بلدنا وتبعاته على مختلف الأصعدة كان لابد من الاعتماد على الذات والتفكير بإقامة مشاريع وأبحاث تعود بالفائدة الاقتصادية على البلد ..
ومع غلاء الأسمدة وعدم توفرها في معظم الأحيان والتي هي الأساس في عملية الزراعة كان بحث ودراسة الدكتور المهندس حيدر شاهين القيم والفائدة الكبيرة له في حال عمم ، ودعم من الجهات المعنية ، هذه الدراسة التي حملت عنوان ( التأثير المشترك لمياه الجفت والفوسفوجبسوم على بعض الخصائص الحيوية والخصوبية للتربة وفي نمو وإنتاجية البطاطا ) والتي حصل بنتيجتها على شهادة الدكتوراه بدرجة امتياز ..
*دراسة لمادة الجفت..
الدكتور “حيدر” قال : نتيجة التطور الصناعي الكبير برزت مشكلات عديدة تمثلت بكيفية التخلص من النواتج الثانوية لهذه الصناعات ومنها ( الفوسفوجبسيوم ) وهو من أكبر المنتجات الثانوية الناتجة عن الأسمدة الفوسفاتية ، حيث ينتج عن كل طن واحد من حمض الفوسفور أربعة إلى خمسة أطنان من الفوسفوجبسيوم ويقدر الإنتاج الكلي ب 720 ألف طن سنوياً .
أما بالنسبة لمياه الجفت فهي عبارة عن مصطلح يطلق على مياه عصر الزيتون وتقدر كميته بحوالي مليون متر مكعب سنوياً ، وتختلف هذه الكمية باختلاف نوع الزيتون والمكابس المستخدمة ، وهذه المنتجات الثانوية الناتجة ( مياه الجفت والفوسفوجبسيوم ) تسبب مشكلات بيئية ضاغطة وملوثة للتربة والمياه والهواء إن لم يحسن التخلص منها بشكل علمي مدروس ، كما إن الإدارة غير المناسبة و غير العلمية لتلك المواد وخصوصاً الصرف العشوائي لها في شبكات الصرف الصحي أو المجاري المائية أو الأنهار أو القاء المواد بشكل مباشر على اليابسة قد أدى إلى تلويث التربة والهواء والمياه وانعكس سلباً على الحياة المائية وخصوصاً بما يتعلق بمياه الجفت وذلك نتيجة الحمل العضوي الكبير والذي يستنزف كميات كبيرة من الأوكسجين المنحل في المياه لتفكيكه ، ناهيك عن احتوائه على كميات كبيرة من المركبات الفينولية ونسبة الزيت المتبقية والتي تطفو على سطح المياه وتمنع التبادل الغازي بين المياه والوسط الخارجي وهذا كله يؤدي إلى موت النباتات ونفوق الثروة السمكية .
*حلول علمية مدروسة..
وأشار الى أن اختياره لتلك الدراسة لم يكن من باب الصدفة ولم يكن اختياراً عشوائياً ، وإنما هو اختيار علمي تمت مناقشته ودراسته مع الأستاذ الدكتور عيسى كبيبو المتخصص في هذا المجال ، مبينا أن الغاية الأساسية من هذا البحث هو العمل على إيجاد حلول علمية مدروسة للتخلص من هذه الملوثات البيئية، وبالتالي الحفاظ على نظافة البيئة مع الاستفادة منها في عملية التسميد المعدني والاستعاضة عن نسبة من هذه الأسمدة ولاسيما في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها بلادنا من حصار ظالم وجائر طال قطاعنا الزراعي وبالتالي توفير في التكاليف والتخلص الآمن من هذه المنتجات..
مشيرا الى أنه اختار نبات البطاطا في دراسته لكثرة زراعته في منطقتنا الساحلية ونظراً لأهميته ووفرة إنتاجه وقصر مدة بقائه في التربة ونظراً لارتفاع قيمته الغذائية وتعدد استخداماته وخصوصاً الصناعية منها .
*التطبيق العملي لسماد الجفت..
تم تنفيذ الدراسة في قرية ميعار شاكر التابعة لمحافظة طرطوس وعلى نبات البطاطا / نوع سبونتا / وذلك بمعدل 15 لتر ماء جفت على المتر المربع و 3% الفوسفوجبسيوم من وزن التربة ،حسب الدكتور حيدر ، لافتا الى أنه تمت إضافة مياه الجفت قبل ٦٠ يوما من الزراعة من أجل تخمر المادة وزيادة نشاط المجاميع الميكروبية على موسمين متتاليين ، وقد أدت هذه الاضافات إلى زيادة في مؤشرات النمو لنبات البطاطا ( ارتفاع النبات _ مساحة المسطح الورقي _ دليل المسطح الورقي _ عدد السوق النباتية ) وتحسين الخصائص التسويقية للدرنات من ناحية الوزن ونسبة النشاء و المادة الجافة إضافة لتحسين بعض الخصائص الفيزيائية والكيميائية للتربة كالسعة الحقلية ومعاملة التوصيل المائي وانخفاض pH في التربة وبالتالي جودة نوعية بناء التربة ، كما كان
هناك زيادة واضحة في نشاط المجاميع الميكروبية وخصوصاً الفطريات والأكتينومايسيت .
*توصيات بتعميم الدراسة..
الدكتور “حيدر” ختم حديثه بالتمني من الجهات المعنية ذات الشأن الزراعي والبحثي تعميم هذه الدراسة والاستفادة من محتواها العلمي بما يخدم الإخوة المزارعين ويوفر عليهم التكاليف مؤكدا أنه على استعداد تام لتلبية أي مساعدة في هذا المجال أو استشارة تطلب منه من قبل الاخوة المزارعين.