الثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:
أعلن المسؤولون الأمريكيون أنهم يعتقدون أن إيران، هي المسؤولة عن الهجوم بطائرة بدون طيار على موقع عسكري أمريكي في التنف بشرق سورية، حيث يتمركز حوالي 200 جندي أمريكي هناك، وعلى الرغم من عدم وقوع إصابات في الهجوم إلا أن هذا الحادث هو تذكير حي بأن الولايات المتحدة تحتفظ بقوات منتشرة في سورية، مما يخاطر بحياتهم من أجل مهمة غير محددة، يجب على واشنطن الخروج من هذا الجمود.
تقول أميركا إنه تم إنجاز المهمة الأمريكية “الأصلية” في سورية ، أي حرمان داعش من خلافة إقليمية، فلماذا لم تسحب الولايات المتحدة قواتها؟!.
تكمن الإجابة في سعي واشنطن لتصعيد حملة الضغط الأقصى الفاشلة ضد إيران والتي تعتمد بشكل أساسي على العقوبات المرهقة وانتشار القوات إلى أجل غير مسمى في العراق وسورية.
تتمثل الاستراتيجية الأمريكية على سورية بحملة ضغط قصوى من العقوبات على أمل إجبار سورية على الانطواء ضمن المشروع الأميركي وتقديم التنازلات التي تريدها واشنطن.
ومع ذلك، فإن نجاح الضغط الأقصى يتوقف على قدرة العقوبات على التأثير في السياسة السورية ومواءمتها مع الصالح الأميركية، في حين لم ينجح الضغط الأمريكي إلا في تعزيز الدعم الشعبي للحكومات في إيران وسورية وكسب الاستياء الشعبي من التدخل الغربي بدلاً من تآكل الدعم المحلي.
واشنطن تتعامل مع الحرب على سورية وكأن النتيجة ستتغير عندما يظهر الواقع على الأرض عكس ذلك، والعلاقة الإيرانية والروسية مع سورية ليست نتاج سنوات الحرب الماضية، بل هي نتاج عقود من المصالح الموازية.
إن الاعتقاد بأن مكاسب سورية وعلاقاتها مع إيران وروسيا يمكن أن تنهار نتيجة الحد الأدنى من الوجود الأمريكي الباهت هو أمر ساذج وخطير.
الموقف الأمريكي الرسمي من وجود القوات في التنف هو محاربة داعش على الحدود ، لكن الحقيقة إن قاعدة التنف تخدم غرضًا واحداً فقط وهو زيادة الضغط الأمريكي على إيران، كما أن قاعدة التنف تقع استراتيجيًا على الطريق السريع بين بغداد ودمشق، وتؤدي منطقة منع الاشتباك التي يبلغ طولها 55 كيلومترًا والمحيطة بالحامية إلى إغلاق الحدود العراقية السورية، مما يجعل من الصعب على إيران نقل الموارد والأسلحة إلى القوات المقاتلة في سورية.
وبينما ظل المسؤولون الأمريكيون تاريخياً خجولين بشأن الأهداف المعادية لإيران، قال مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون عام 2019, إن وجودنا في قاعدة التنف “لا يزال مهمًا من الناحية الاستراتيجية لأنه يخدم منع إيران في تحقيق قوس من السيطرة يمتد من إيران عبر العراق إلى لبنان وسورية”.
والآن، يجب على الولايات المتحدة الانسحاب من سورية والتوقف عن المخاطرة بحياة الأمريكيين من أجل أهداف غامضة، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يشير الانسحاب التدريجي للقوات الأمريكية إلى إيران بحسن نية إلى أن حملة الضغط الأقصى التي لا هوادة فيها يمكن أن تُرفع، إذا عادوا إلى الاتفاق النووي.
إن إطالة أمد الضغط الأقصى يحمل أيضًا تكلفة إنسانية، يمكن أن تكون الخطوات التالية للولايات المتحدة حاسمة بالنسبة للشعب السوري، وكي نكون واضحين، يجب ألا ننسحب من سورية لأننا نتعرض للهجوم، بل يجب أن نغادر لأن وجودنا يعرض حياة الأمريكيين للخطر في سبيل تغيير نتيجة حتمية.
للاستمرار في تمركز القوات هناك، يجب إعطاء الجماعات المعادية للولايات المتحدة هدفًا محدودًا بخلاف ذلك الذي في متناول أيديهم، يمكن أن يؤدي الهجوم الخاطئ التالي بطائرة بدون طيار أو بصاروخ إلى وقوع إصابات أميركية بحيث لا يمكن لأي قدر من التهدئة أو الدبلوماسية إصلاح الأمور.
من خلال الحفاظ على الوجود الأمريكي في سورية، تعمل واشنطن على زيادة تورطها في حرب أخرى دون داع أكثر من سعيها للحد من نفوذ إيران في سورية، بدلاً من ذلك يجب أن ندرك أن مصالحنا في الشرق الأوسط محدودة وعلينا أن نواجه العالم كما هو.
بقلم: ناتالي أرمبروستر
المصدر: American Conservative
