الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
اجتمع زعماء العالم في غلاسكو الأسبوع الماضي لحضور قمة COP26 في محاولة لإظهار فشلهم في التعامل مع أزمة المناخ، حيث يتم التوصل إلى اتفاقيات لحماية الغابات وخفض انبعاثات الكربون والميثان وتعزيز التكنولوجيا الخضراء، والعالم يراقب.
أراد السياسيون الغربيون، على وجه الخصوص الخروج من القمة بأوراق اعتمادهم الخضراء المصقولة، مما يثبت أنهم فعلوا كل ما في وسعهم لمنع ارتفاع درجة الحرارة العالمية في المستقبل بأكثر من 1.5 درجة مئوية.
أما علماء المناخ فهم يشككون بالفعل فيما إذا كانت التعهدات التي قُطعت كافية أو يمكن تنفيذها بالسرعة المطلوبة لإحداث أي تطور، لقد حذروا من أنه يجب اتخاذ إجراءات صارمة بحلول نهاية هذا العقد لتجنب العالم كارثة مناخية.
أظهرت صورة من افتتاح COP26 رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، مستضيف القمة، وهو يرحب بحرارة بالرئيس الأمريكي جو بايدن و”رئيس الوزراء الإسرائيلي” نفتالي بينيت، ولكن بدلاً من احتوائهم ، يجب أن نتعامل مع هذا الثلاثي على أنهم أكبر الأشرار في محادثات المناخ، لأن جيوشهم هي الأكثر تلويثاً على هذا الكوكب، والهدف من قمة COP26 هو إخفاء هذه الحقيقة.
إن إنفاق الولايات المتحدة على جيشها يفوق بكثير إنفاق أي دولة أخرى، باستثناء “إسرائيل”، وذلك عند قياسه بالنسبة لحجم السكان، كما أن المملكة المتحدة لا تزال تمتلك خامس أكبر ميزانية عسكرية في العالم، في حين أن مصنعي الأسلحة فيها مشغولون بتوريد الأسلحة إلى البلدان الأخرى.
ويبدو أن الانبعاثات الصادرة عن جيوش الغرب وصانعي الأسلحة تتزايد كل عام بدلاً من أن تتقلص، على الرغم من أنه لا يمكن لأحد التأكد من ذلك لأنها مخفية عن الأنظار.
فقد أصرت واشنطن على إعفائها من الإبلاغ عن انبعاثاتها العسكرية وخفضها في قمة كيوتو، قبل 24 عاماً، حيث تُقدّر هذه الانبعاثات بحوالي 70 بالمائة من نشاطها العسكري.
كما رفضت معظم دول أوروبا أن تصبح نظيفة، فمثلاً فرنسا، القوة العسكرية الأكثر نشاطا في القارة، لم تبلغ عن أي من انبعاثاتها.
وفقاً لبحث أجراه علماء من أجل المسؤولية العالمية، كانت الانبعاثات العسكرية للمملكة المتحدة أكبر بثلاث مرات من تلك التي أبلغت عنها، حتى بعد استبعاد سلاسل التوريد، وكذلك إنتاج الأسلحة والمعدات.
وتشكل ميزانيتها “الدفاعية” بالفعل حوالي 40 بالمائة من مبلغ 2 تريليون دولار الذي يتم إنفاقه سنوياً على الجيوش في جميع أنحاء العالم. وقد كشفت حكومة بوريس جونسون العام الماضي عن “أكبر برنامج استثمار في الدفاع البريطاني منذ نهاية الحرب الباردة”.
كما ارتفع الإنفاق العسكري الأمريكي بشكل مطرد منذ عام 2018، ومن المقرر أن يستمر في ذلك لمدة عقدين آخرين على الأقل بعد الموعد النهائي الذي حدده علماء المناخ لتغيير الأمور.
كل هذا يعني أن السياسيين الغربيين يعدون بخفض الانبعاثات في COP26، فيما هم في الواقع مشغولون بالاستعداد لزيادة تلك الانبعاثات بعيداً عن الأنظار.
كما أن الحروب توفر أسباباً أكبر لاستهلاك المزيد من موارد الكوكب المحدودة وإلحاق المزيد من الضرر بالنظم البيئية.
فالمملكة المتحدة تمتلك حوالي 145 قاعدة عسكرية في 42 دولة، مما يؤمن ما تعتبره “مصالحها الوطنية”، لكن هذا يعتبر قليلاً بالقياس مع أكثر من750 قاعدة عسكرية أمريكية منتشرة في 80 دولة.
سيتعين على الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين أولاً الموافقة على التخلي عن سيطرتهم على موارد الطاقة على كوكب الأرض، والتخلي عن مراقبة العالم لصالح شركاتهم متعددة الجنسيات.
كانت هذه المنافسة على القوة الشاملة، الاقتصادية والأيديولوجية والعسكرية، هي التي دفعتنا إلى كارثة المناخ الحالية، وستتطلب معالجتها النظر بشكل أعمق في أولوياتنا أكثر مما يبدو أن أي قائد في قمة COP26 مستعد للقيام به.
المصدر: Middle East Eye