لا تغيب فقط…بل لكأننا نعيش قطيعة مع الفلسفة، رغم أنها غير معلنة، إلا أننا نعاني لو جربنا التعاطي معها، أو الاقتراب من مناهجها، فكل ما حولنا يبعدنا عنها، حتى كأنها أصبحت خطيئة لا يجب اقترافها.
والسؤال الذي يطرح ونحن نقترب من الاحتفال بيوم الفلسفة العالمي…الذي يصادف الخميس القادم 18 الشهر الجاري..ما الذي ينقصنا حتى ننتج فلسفة عربية، تأخذ بيد مجتمعاتنا نحو أبعاد فكرية تعيق كل ما نراه من طغيان التسطيح…؟
هل هي أنماط الفكر التي نعيشها…إذا ألا يعتبر تكريس السائد أحد أهم المعطيات التي تعيق إنتاج فلسفة عربية، معاصرة، بدلاً من الدوران في نظريات الفلسفة الغربية…؟
سؤال آخر قد يطرح…وهل نعيش أوانها ونحن نتخبط في كل هذه المعاناة الحياتية…؟
أهمية الفلسفة ليس لأنها تنتج مسارات فكرية مبتكرة فقط، بل وللكيفية التي تنعكس فيها على تفكير الناس وبالتالي طبائعهم وسلوكياتهم ..
تلك السلوكيات حتى لو كانت تسير بتوازن مع عالم تكنولوجي يحدث اكتشافاته العلمية آنياً، إلا أنه في الوقت ذاته لا يهتم بجدل فكري، يمكن إن أدخلناه في أنماط حياتنا أن يغيرها كلياً…
صحيح أننا تتحرك ونتفاعل مع سيل المعلومات حولنا… ولكن ما هو شكل هذه المعلومات وماهي الكيفية التي تضخ إلينا وهل نختار أفضلها ..؟
وهل نتمكن من التقاط عمقها… وكل ما يمكنه أن يثير العقل ويحرضه على التفكير بشكل جديد، الأمر الذي يجعلنا نغوص في دخائل النفس والذات البشرية، لا بهدف معرفتها، بل لاكتشاف كيف تتفاعل بطريقة تغربل كل حبيبات التسطيح التي تنشر آثارها أينما حلت…
لا بديل عن فلسفة تعيد الألق لنتاجنا الفكري، لوعينا…لتعاطينا مع الآخر… تكون كحائط صد لكل هذا التردي الذي بات خياراً نتمنى ألا يقيم طويلاً….
رؤية – سعاد زاهر