الثورة أون لاين – رنا بدري سلوم:
إنه انقلابٌ واعتمار الفكر وتصحيح المنهج والرؤى، فيه برز الإنسانُ أديباً مقاوماً للقهر والاستبداد، هو التصحيح المجيد الذي نحتفي بذكراه الواحدة والخمسين، في زمنه عادلت الكلمة الحقّ الرصاصة ليس في وجه العدو وحسب، بل في وجه الظلم والتخلف والرجعية، إنها الحركة التي عدّت بناء الإنسان من منجزاتها الأولى، فكراً ووعياً وتعليماً حتى باتت الثقافة زاد العقول ومرآة المجتمع وأفق الحالمين، فبني في ظلّ التصحيح صروحاً ومنارات فكرية ومراكز ثقافية أُنشِئت في كل بلدة من بقاع الجمهورية العربية السورية، هدفت لبناء الفكر التصحيحي وها نحن اليوم وبعد عشر سنوات عجاف من الحرب الفكرية التكفيرية على سورية استطاعت ثقافة التصحيح أن تقاوم بممارستها دورها التنويري في بناء الإنسان وتطلق العنان للأديب والمفكرٍ والشاعر أن يعبّر بحرية مسؤولة عن قضاياه الإنسانية وصراعات وجوده ولاسيما القضايا القومية وحقّ الشعوب في تقرير مصيرها وإبداء رأيها واحترام مشاربها وأطيافها ومعتقداتها، كل ذلك بفضل وعيهِ وانتمائه إلى هذا البلد الأمين الذي أرسته الحركة التصحيحية المجيدة.
فتجددت ملامح الأدب المقاوم واتّقدت جذوته وتبلورت ليتغنى الشعراء بانتصارات تشرين التحرير التي تعد منجزاً مهماً من منجزات التصحيح، حتى نضحت قلوب الأدباء بما يعتريها من فخر ووقار وتفاؤل ثوري، ليدونوا حكايات الأمجاد شعراً وقصة ورواية، وها أتى اليوم الذي نستذكرُ التاريخ ونقول للأجيال القادمة إننا أمّة ما سقطت وما خنعت ولا استكانت حتى حققت النصر وأكدت سيادة ذاتها في إبداء رأيها وحرية أرضها وقضية الوجود.
مجدداً سنحيي من دوّن على أرض المعركة انتصارات الإنسان والحرف وقوافي الشعر المقاوم “بتحية إلى أبطال تشرين” التي حيّاها الشاعر عبد الرحيم الحصني قائلاً: لا لن يدوم ظلام العار يا وطني… فخلف كلِّ جدارٍ ثائرٌ وثبا
عادت ملامحُ شعبي بعدما خفيتْ… كأنها في خيالي ذكريات صبا
قد آن للشعرِ أن ينساب مبتسماً …وآن للمدّعي أن يعرف العربا
وحده الحدث أعمق من المشهد الشعري وأرقى وأبلغ، إلا أن الأخير يوقظُ الوجدان فينا كلما قرأناه بعيون ضمائرنا وكلما سطعت ذكريات الانتصارات المتوّجة بأسماء أبطالها في سماء الوطن، نذكر الشاعر “زكي قنصل”حين خاطب أمّته من مهجره وما أكثر المهاجرين..مذكرا بأمجاد تشرين وشخصية البطل القائد الخالد حافظ الأسد
يا أخوة الحرف ردّوا لهفتي فأنا
إلى حديث المعالي ظامئٌ سغبُ
تشرين قصة مجد لا انتهاء لها
هلا رويتم لنا أخبار من كتبوا
قد ينشف البحر أو تهوي الكواكب أو
تفنى الجبال ويبقى الله والعرب
نعم، سنبقى على عهد التصحيح المجيد، ننتهج المقاومة مبدأ لنيل الحرية وإحقاق السلام في كل بقعة من بقاعنا حتى يندحر كل غازٍ، سننتهج أبجدية التصحيح في لغتنا العربية وعروبتنا المتجذّرة في عروقنا منهجاً نؤكد فيه أننا شربنا من منهل القيم والوفاء والشهادة بالكلمة والسلاح، نؤكد لإعلاميين قاوموا بفكرهم وأقلامهم فارتقوا إلى سماوات سبع، لأدباء رسّخوا في نتاجهم أننا نشعل في كل ظلمة نور كتاب، نعلّم فيه أننا يوماً حاربنا الظلام بنور الفكر وعلم اليقين وأننا متجذّرون أصحاء العقول أنقياء القلوب نثمرُ كما التصحيح ونقاوم أبد الدهر كي نكون.