الثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:
هل كنت تؤمن بالردع النووي، تمتلك الصين حالياً حوالي 100 صاروخ مسلح نووياً يمكنها ضرب الولايات المتحدة التي تمتلك بدورها حوالي 2000 صاروخ يمكنها ضرب الصين.
تقول نظرية الردع أن أياً من الجانبين لن يضرب الآخر خوفاً من ضربة مضادة مدمرة، ولا يهم حقاً ما إذا كان لدى الصين 100 صاروخ نووي أو 500 صاروخ كلاهما أكثر من كاف لردع ضربة أمريكية والعكس صحيح.
ومع ذلك، إذا كان ما تسعى إليه هو التفوق النووي المطلق الذي يسمح لك بضرب الصين أولاً، وتدمير معظم صواريخها واعتراض أي صواريخ متبقية بنظام عالمي من أسلحة الدفاع الصاروخي، فأنت تشعر بالفزع من تطوير قدرات الصين الرادعة للولايات المتحدة، ولفهم هذه القدرات الصاروخية الصينية يمكننا أن ننظر إلى لعبة البيسبول.
“عندما يرى اللاعب لاعباً يضرب كرة طويلة، يمكنه حساب سرعة واتجاه الكرة بسرعة ورسم نقطة اعتراض، سوف يتبع البيسبول مساراً باليستياً، حيث ينحني عالياً في الهواء وينزل في قفاز اللاعب – إذا كانت لديهم المهارة للوصول إلى النقطة الصحيحة في الوقت المناسب، وإذا اصطدمت الكرة بسقف ملعب مقبب (وهو ما يحدث أحياناً ) وتغير اتجاهها، فيجب على اللاعب أن يرسم نقطة اعتراض جديدة “، وهذا ما يفعله السلاح الجديد الذي اختبرته الصين هذا الصيف.
ذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز الأسبوع الماضي أن الصين اختبرت سلاحاً جديداً مناوراً تفوق سرعتة سرعة الصوت يدور حول العالم، وإن الجزء الذي يتعلق بسرعة الصوت لا يهم.. فجميع الصواريخ بعيدة المدى تفوق سرعتها سرعة الصوت، أي إنها تدخل الغلاف الجوي مرة أخرى بخمسة أضعاف سرعة الصوت.
المهم هنا هو قدرة هذه الصواريخ على المناورة، إذ تعتمد جميع أسلحة الدفاع الصاروخي الحالية على الأقمار الصناعية لاكتشاف إطلاق صاروخ العدو بعد أن يكسر الغطاء السحابي، ويخطط مساره، ويطلق صاروخاً مضاداً لاعتراضه في مساره.
تُظهر الاختبارات التي أجراها نظام الدفاع ميدكورس الأمريكي القائم على الأرض أنه في ظل ظروف مثالية، يمكنه إصابة الصاروخ المعادي في حوالي نصف المسافة قبل الوصول إلى الهدف. هذا ليس دفاعاُ فعالاً، لكن الصينيين والروس يفترضون أنه قد ينجح يوماً ما. لذلك، فهم يطورون أسلحة يمكنها اختراق أي دفاع صاروخي مستقبلي.
في تجربتهم الأخيرة، بدلاً من إطلاق الصاروخ في مسار عالٍ ومتقوس ومتوقع، أعاد الصينيون إحياء خطة سوفييتية قديمة لوضع رؤوس حربية لفترة وجيزة في المدار، أطلق عليه السوفييت نظام القصف المداري الجزئي أو FOBS ، نظراً لأن مدار الرأس الحربي قد يكون طويلاً أو قصيراً، فمن المستحيل التنبؤ بنقطة تأثيره.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الرأس الحربي الصيني ليس شكلاً مخروطياً بسيطاً، ولكنه يتميز بتصميم طائرة شراعية، مثل مكوك الفضاء المصغَّر، والذي يسمح له بتغيير الاتجاه والسرعة عند إعادة الدخول، هذا المزيج يجعل تقريباً من المستحيل اعتراضه.
يبدو الأمر كما لو أن الضرب ضرب كرة كانت تدور حول سقف ملعب البيسبول المقبب ثم سقطت في أي مكان.
بالإضافة إلى ذلك، يمنح هذا النظام المداري الصاروخ القدرة على السفر لمسافات أبعد وأسرع من الصاروخ الباليستي التقليدي، يمكن للصينيين والروس إطلاق هذه الأسلحة فوق القطب الجنوبي بدلاً من المسار المعتاد فوق القطب الشمالي.
سوف يتهربون من رادارات الدفاع الصاروخي الأمريكية، والتي تتوجه جميعها نحو الشمال، لا يمكن الآن لأي زعيم صيني أن يسمح للولايات المتحدة بتحييد القوة النووية الصينية، وتشارك الصين بالفعل في التحديث الاستراتيجي بغض النظر عن العلاقة مع الولايات المتحدة خلال السنوات العشر القادمة، سيتعين على بكين النظر في النظام الدفاعي للولايات المتحدة، وهذا يعني أنها ستزيد على الأرجح من وتيرة التحديث، وتضع رؤوساً حربية متعددة على صواريخها، وربما تنشر إجراءات مضادة بهذه الصواريخ “.
إن الخطة الأمريكية الضخمة البالغة 2 تريليون دولار لبناء صواريخ وقاذفات وغواصات جديدة مسلحة نووياً تثير مخاوف العالم أجمع، فالأمر لا يتعلق بالردع فقط، بل بالهيمنة الأمريكية.
كتب الدكتور جيفري لويس في مقال حديث: “عد إلى الوراء وانظر إلى شهادة مسؤولي إدارة بوش عندما انسحبوا من معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية”، “لقد انتقدوا جميعاً الردع المتبادل باعتباره مفارقة تاريخية للحرب الباردة”.
إن الاختبار الصيني الذي يمثل ولادة قوة رادعة كما قال البعض، وربما تكون هذه المرحلة تكراراً لما جرى في 11 أيلول عندما تحول رد فعل واشنطن المفرط هجوماً مروعاً إلى كارثة استمرت 20 عاماً ويحذر من أن “الولايات المتحدة إذا أصيبت بالذعر جعلت العالم أكثر فوضوية وتهديداً”.. والآن تستعد لإعادة نفس السيناريو.
بقلم: جو سيرينسيون