بينما كان المسؤول مسترسلاً بالحديث عن أرقام ومشروعات وإنجازات قادمة سيشهدها العام الجديد وفي زحمة الأرقام التي أوردها وحجم المعلومات السارة التي رتبها والتي شكلت بمجملها صورة وردية زاهية لما سيشهده العام القادم من إنجازات، في هذه الأثناء جاء سؤال من أحد الحضور ليقول: وكيف يمكن أن تحل مشكلات المشروعات المتعثرة والتي مضى على تعثرها سنوات؟ وأين هذه المشروعات من الخطط المستقبلية؟ وماذا أعددتم لمعالجتها؟ ما استدعى المسؤول لأن يخرج من حالة التفاؤل الكبيرة التي خيمت على حديثه ليقول: نحن نعلم أن البلاد تخضع لحصار اقتصادي وعقوبات جائرة من قبل دول العدوان، وهذا أثر على مجمل القطاعات في البلاد وأدى إلى نتائج سلبية واضحة في مختلف المجالات، وإلى الآن هذا الأمر مستمر وهناك جهود لتخطي تداعيات هذا الحصار ونتائجه، ومن هذه النتائج أن ذلك أدى إلى تراجع حجم الموارد العامة وبالتالي قلص حجم الإنفاق على المشاريع الخدمية، وأخر إنجاز مختلف المشروعات والخطوات التي كان يجب أن تنجز في وقتها، وغير ذلك من منعكسات غير إيجابية ساهمت في تراجع مستويات الأداء والإنجاز واستكمال ما تم البدء به والانطلاق نحو خطوات جديدة.
وبالنظر إلى ما سبق لا نجد ما يمنع من أن يكون حجم التفاؤل كبيراً طالما أن هناك إرادة تسعى لمواجهة التحديات وتحقيق الأهداف المرسومة، لكن بالمقابل نجد أن هناك أمراً واقعاً ولَّدَ صعوبات وتحديات كبيرة فاقت القدرات المتوافرة حالياً في جانب منها، وآثارها لا تزال واضحة وربما هي في تزايد مستمر ويمكن أن نلحظ ذلك من خلال التراجع المستمر لمستويات معيشة الشريحة الأوسع من المواطنين إلى جانب التراجع في مستوى الخدمات بشكل كبير جداً (الكهرباء) مثلاً.
ما نود قوله إن رسم مشاهد متفائلة والحديث عن إنجازات قادمة فيه الكثير من الإصرار والتحدي، لكن عندما نعود مباشرة بعد كل هذا الحديث إلى عقدة المنشار لنقول إن ظروف الحصار الاقتصادي والعقوبات الجائرة لا تزال تقف عائقاً أمام التطلعات المستقبلية وتسد الدروب أمام أي خطوات نطمح لإنجازها، ففي هذا ما يدعو للتساؤل الحقيقي عن مدى قناعة المعنيين بمثل هذه التصريحات المتفائلة التي تطلق من حين لآخر، وأكثر من ذلك، نسأل عن ضرورتها في ظل ما تشهده البلاد.
إن أكثر ما يعزز الثقة المتبادلة ما بين المواطن والمسؤول الحديث عن الواقع بكل شفافية ومسؤولية وموضوعية، لا أن نطلق وعوداً مشرقة ونتحدث عن إنجازات ستتحقق، في وقت لا تتوفر فيه المقومات اللازمة لذلك، وربما من الصعب توفير الظروف المناسبة حالياً لمثل تلك الإنجازات..
على الملأ- بقلم أمين التحرير محمود ديبو