تنشغل بمطويات أوراقٍ كثيرة مكدّسة حولها، وبكل ما جمعته ضمنها من أفكار.
ما تستغربه أن قراءة ما فيها وما تعثر عليه ضمنها، يختلف بحسب حالتها الشعورية.. ويبدو أن اللاشعور هو صاحب القرار لديها في اختيار أفكار تتناسل من الواقع.
الآن تنفر من كرّاساتها ملاحظات الكاتب الألماني “وولغرام آلينبرجر”، وما ذكره ضمن كتابه (في زمن السحرة)، من أن الفيلسوف الألماني مارتن هايدجر كان مُرحباً بالخطر والمعاناة وذلك من منظور أن كلاً منهما ظرف اجتماعي يدفع الناس لمواجهة إحساسهم بالفناء..
ونتساءل: ألا يمنعان، بالوقت نفسه، الإحساس بالوجود..؟!
ما تقصده “وولغرام” هو قراءة إيجابية لمفهوم الأزمة من قبل هايدجر الذي رأى فيها “استراحة جذرية من المسبّبات التي نجمت عنها”.
ثمة إحساس بأن كل تلك التنظيرات لا تخفّف ولا تلغي من عتمة واقع أزمة تتشظّى إلى مجموعة غير منضبطة من أزماتٍ فرعية متلاحقة..
وجميعنا يدرك ذاك الوجه الإيجابي لأكثر أشكال السواد التي من الممكن أن تغلّف لحظاتنا..
نبحث عنه.. ونتيقن حضوره ولو بعد الكثير من الأحايين..
ما يدوخ هو كيف سيكون الحال إلى حين تمضي أزمنة جافة وبخيلة في كل شيء..؟
بالعمق الزمني/التاريخي ومن منظور واسع وفلسفي، لعل الأزمات تكون فعلياً “استراحة جذرية من مسبباتها”، لأنه من المفترض أن تكون أو يكون الوقت الآتي بُعيدها وقتاً لتجاوزها، بتلافي أسبابها.. علاجها.. وليس تعميقها أو تكريسها.
بالنسبة لنا ضمن بقعة الإحداثيات الجغرافية المقيمين عليها، ما فعله غول الأزمة أنه أنتج صباحات ويوميات لا تشبهنا أبداً..
ولم يدفعنا فقط للإحساس بالفناء.. بفنائنا وجهاً لوجه.. مرّات كثيرات، إنما دفعنا بحثاً للحفاظ على أبسط هيئات كينونتنا التي أردنا عناقها وشكرها على شجاعة لم نكن نعتقد أنها تمتلكها.
عن ريح الأزمات تلك التي لا تطالها أقوى التنظيرات، هنالك تختبئ على هيئة أبسط الآدميين نقشاً لوجع سياطها على أرواحهم قبل أجسادهم.
رؤية -لميس علي